09 - 11 - 2025

عجاجيات | زهر الربيع

عجاجيات | زهر الربيع

لا اعرف من اختار اسم زهر الربيع ليطلقه على مدرستى الابتدائية واسمها بالكامل زهر الربيع الإبتدائية المشتركة لكنني وبكل تأكيد ارفع له القبعة على رقته ورومانسيته التى جعلته يختار هذا الاسم فاتح الشهية للتنفس بعمق وارتياح والذى يدعو للتفاؤل، وزهر الربيع كانت واحدة من أهم المدارس التى يقصدها اطفال حارة السقايين ودروبها درب المواهى ودرب الحمام والزير المعلق والبرامونى والست مسكة والحنفى، ولم يكن ينافس زهر الربيع الا مدرسة محمد فريد الابتدائية المشتركة ومدرسة الأقباط الواقعة داخل كنيسة الملاك غبريال رئيس الملائكة(أحد اشهر معالم حارة السقايين وعابدين بصفة عامة) والتى كان المار بجوارها يسمع الأطفال وهم يرددون ايات القرآن الكريم خلف مدرستهم

ما اسمعه عن مصروفات مدارس احفادي وما اسمعه عن ما يسمى بالسبلايز واليونفورم جعلنى اعود بالذاكرة إلى عام ١٩٦١ ميلادية عندما التحقت بمدرسة زهر الربيع الابتدائية المشتركة والمجانية وهى إحدى المدارس التى بنيت فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر (ما زالت قائمة حتى اليوم وان أصبحت ضمن المدارس اليابانية بمصروفات تقل كثيرا عن مصروفات المدارس الخاصة الناشونال والانترناشونال)

ركبت آلة الزمن ووجدتنى ارتدى المريلة المصنوعة من قماش تيل نادية الشهير حيث كانت اليونفورم أو الزى الموحد لكل التلاميذ بنين وبنات، ووجدتنى امسك الشنطة أو الحقيبة المدرسية المصنوعة هى الأخري من قماش تيل نادية صاحب الفضل على اجيال كاملة

ووجدتنى اتذكر قائمة الطلبات التى يتعين توفيرها (السبلايز) والتى كانت على ايامنا لا تخرج عن بضع كراسات وورق جلاد للحفاظ على الكتب التي كنا نتسلمها بالمجان والحفاظ على الكراسات مع التيكت لكتابة اسمائنا وتحديد فصولنا

ووجدتنى اتذكر بكل التقدير والاحترام والاجلال معلمتى الأولى زينب شعراوي التى اخذت بيدي وادخلتنى بكل الرفق والحنان إلى عالم الأبجدية  والجملة المفيدة والحساب وجدول الضرب، كانت رحمها الله مدرسة بدرجة فنانة وعالمة نفس تجيد التعامل باللين فى وقته وبالشدة فى وقتها، كما كانت مربية قبل أن تكون معلمة فقد حرصت على أن تعلمنا وبكل صبر ورقة الوضوء والصلاة والتسامح والتعاون، زينب شعراوي كانت معلمة الفصل التى تولت تأسيسنا من أولى ابتدائى حتى رابعة ابتدائي،

فى مدرسة زهر الربيع الابتدائية المشتركة التى تقع على الحدود بين احياء عابدين والسيدة زينب استمتعنا بالركض واللعب فى فناء المدرسة واستمتعنا بغرفة الموسيقى بل أننى مثلت المدرسة فى مسابقة فنية بين مدارس القاهرة كعازف على آلة المثلث وهى واحدة من آلات الايقاع

تخرجت من زهر الربيع وحصلت على الشهادة الابتدائية(القبول الاعدادى) عام ١٩٦٧م وعدت اليها عام ١٩٧٥م وانا طالب فى قسم العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة لإعداد بحث عن( دور المدرسة الابتدائية فى التنشئة السياسية) بإشراف مدرس العلوم السياسية وقتها والأستاذ الدكتور والعميد بعد ذلك كمال المنوفى رحمه الله والذى كان من أشد المهتمين بالتنشئة السياسية ودراسة الفكر السياسى عند الإنسان المصري

وبمناسبة النوستالجيا إلى اعادتنى للوراء ٦٤ عاما ضحكت كثيرا عندما سمعت عن اللانش بوكس ومفرداته هذه الأيام ووجدتنى اتذكر ساندوتشات الفول او الجبنة او الحلاوة الطحينية حسب المتاح والملفوفة فى ورق الجرائد، كما اتذكر بكل الاعتزاز الوجبات المجانية التى كانت توزع علينا فى زهر الربيع الابتدائية المشتركة وتشمل الفطائر وجبنة المثلثات والبكسويت بالكمون وفى بعض الأيام الشتوية كنا نفوز ببرتقالة رائعة

اعلم انه من الصعب أن نقول للزمان ارجع يا زمن واعلم أن لكل زمن ظروفه ومعطياته وجيله، واقر واعترف أننى من جيل تيل نادية الذى لم يعرف السبلايز أو اللانش بوكس والذى لم يمسك الموبايل ومن جيل الحلبسة والدوم وحب العزيز والبطاطا المشوية والجزر الاحمر والقصب لم نعرف المولتو أو الكرب أو الشاليمو

اتمنى كل الخير لاحفادى وزملائهم وأدعو الله أن يمتعهم بعام دراسى ناجح بلا منغصات وان يرزقهم بمربين ومعلمين فى آن واحد.

-------------------

بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | شكرا لمن حضروا ومن غابوا