أي إيمان هذا الذي يعتمد قتل وذبح الأطفال والعجائز في قطاع غزة شرطا لظهور السيد المسيح عليه السلام؟!
يتحدث كثير من صهاينة الغرب، عن حتمية قيام ما يزعمونه، بمملكة بني إسرائيل كشرط لظهور المسيح ابن مريم؛ ولا يرف لهم جفن أو تتحرك مشاعر هؤلاء الساسة على ما يحدث في قطاع غزة من مجازر؛ معتبرين ما يحدث علامة ومقدمة لظهور المسيح المخلص.
لم يسأل أحد نفسه؛ أي نبي هذا الذي يبرر ويشرعن كل هذا القتل للمدنيين والنساء والأطفال والعجائز؟ وإذا ما ظهر سيكون في صف من؟ من الذي سيخلصه المسيح؟ هل سيخلص الضحايا والمعذبين مما يتعرضون له أم سيقف مع جزاري بني إسرائيل والغرب؟
وهل يقر هذا النبي المنتظر كل هذا العنف والجرائم ؟ وما الفرق بينه وبين من يدعى بالمسيح الدجال إذا؟
وما الذي سيدعو إليه المسيح إن أتى بعد تلك المجازر؟ ومع من سيقف؟ هل سيقف مع المستضعفين الذين تكالبت عليهم الدنيا، وخذلهم القريب والغريب، ووقف الجميع إلا قليلا في صف الصهاينة؛ يمدونهم بالسلاح وبالطعام وبكل أنواع الدعم اللوجستي؛ في حين ترك الأطفال والنساء والعجائز للذبح!!
أي مسيح ننتظر، وينتظر مصاصو الدماء هؤلاء؟ وماذا يقول لهم المسيح عليه السلام إن أتى الآن؟
وهل لو ظهر المسيح، ودعا للسلام ونصرة المظلوم، ولعن بني إسرائيل كما كان يفعل في حياته؛ فهل يؤمن به هؤلاء الساسة، الذي يعيشون في حظائر الصهيونية، كالعبيد في أيدي اللوبي المؤيد لإسرائيل؟ أم سيحاربونه ويقتلونه صلبا؛ كما فعلوا به في حياته الأولى؟!
جاء المسيح أولا، فكذب به بنو إسرائيل؛ وحاربوه، واتهموا في صلبه، والتأمر على قتله؛ وظلت الكنيسة تتهم اليهود في دم المسيح عشرات القرون؛ حتى ضغط قادة الصهيونية على الكنيسة الكاثوليكية؛ فأصدرت عام 1965 عبر وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني قرارات تبريء اليهود من دم المسيح؛ وكانت الأناجيل تتهمهم صراحة، بالمسؤولية عن قتل المسيح أو صلبه.
تتحدث المسيحية والإسلام عن عودة منتظرة للمسيح؛ يقول الإسلام؛ إنه سينزل آخر الزمان ليقتل المسيح الدجال، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويحكم في الناس بالإسلام.
أما المسيحية، فتشير إلى ارتباط مجيء المسيح بعلامات؛ منها؛ كثرة الحروب والمجاعات، والزلازل؛ وازدياد الفساد، وغياب العدالة، وحدوث اضطهاد عظيم للمؤمنين الحقيقيين. ( لاحظ أنه لا أحد تعرض للإضطهاد كأهل فلسطين)
كما أن من بين العلامات ظهور أنبياء كذبة؛ و تقول الأناجيل إن المسيح سيأتي ليبشر بالإنجيل في كل أنحاء العالم.
إننا في الإسلام نؤمن بالنبي عيسى ابن مريم، وأمه المطهرة مريم ابنة عمران عليهما السلام؛ وأنه أحد أولي العزم من الرسل؛ ونسأل أتباع السيد المسيح في المجتمع الغربي؛ هل سيأتي المسيح ليقر هذه المظالم التي ترتكب في حق النساء والأطفال والعجائز في فلسطين، وغيرها من بلدان تتعرض لاستبداد وسيطرة قوى تؤمن بمجيء المسيح المخلص وبعودته ليقر العدل؟
وإذا كان من تعاليم المسيح محبة الأعداء، ومباركة الخصوم؛ كنوع من السلام والسماحة الذاتية؛ فلماذا لا نرى تلك المحبة من قبل قادة المجتمعات الغربية مع المعذبين في الأرض، والفقراء؟
إننا نرى وندرك، تعاطف المواطنين في معظم المدن الغربية مع أهل القطاع؛ غير أن مواقف كثير من الأنظمة، تنحاز للكيان؛ وتدافع عن انتهاكاته للقانون الدولي والإنساني؛ وخاصة الإدارة الأمريكية؛ التي تقاتل مع الكيان ضد العرب، والمسلمين والإنسانية، وضد تعاليم السيد المسيح عليه السلام.
-------------------------
بقلم: معوض جودة