19 - 09 - 2025

صفعات خشننة وناعمة على الصدغ العربي

صفعات خشننة وناعمة على الصدغ العربي

البشرية جمعاء، تدرك وتعرف جيدا، أن الصفعات الأمريكية تنهال على "الصدغ العربي"لا تنقطع أبدا، منذ أن اعتبرناها الصديق القوي، الموثوق في تعهداته والتزاماته، في أعقاب حرب أكتوبر العام 1973.

لم تترك واشنطن دولة عربية إلا واعتدت عليها بالسلاح مرة، والابتزاز"الأمني"مرات.. تاريخ مُحَمًلْ بالغدر والكراهية، ورغم ذلك لا تتعظ الدول العربية الحليفة والموالية لها، وتُصًر على ممارسة"رذيلة" الوثوق في أمريكا، واعتبارها الحامي الأمين للعروش.

حتى بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة، لم تَصبُر واشنطن لأكثر من ثماني وأربعين ساعة، وأوفدت وزير خارجيتها ماركو روبيو إلى تل أبيب، صافعا أي نظام عربي، يطمع في ما هو أكثر من إعلان ترامب غضبه من الاعتداء الإسرائيلي على الحليف القطري، الذي يحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج العربي، ويتمتع بعلاقة استراتيجية أمنية مع حلف الناتو، ويأتي بعد إسرائيل، بمسافة بعيدة، في قائمة الدول الأكثر رصيدا من الثقة الأمريكية في الإقليم.

افتتح روبيو زيارته لتل أبيب، بعد 48 ساعة من العدوان، بالتأكيد على أن الخلاف مع نتنياهو حول هجوم الدوحة، لن يغيّر من دعم واشنطن لتل أبيب، واصفا المقاومة الفلسطينية ممثلة في حماس بالحيوانات.. تصريح لا يخلو من الوقاحة، يوجه صفعة لما كانت تعتقده الدوحة، وسائر العواصم العربية، أن أمريكا تحترم العرب، وإنها الدولة الوحيدة الضامنة لأمن قطر والخليج، بعد أن فضح الأمريكيون أنفسهم وأعلنوا أن قاعدة العديد قدمت مساهمات لوجستية لإسرائيل، في مقدمتها تعطيل الرادارات في القاعدة (هكذا سربوا للصحف).. كما سقط للأبد الرهان على الولايات المتحدة للجم إسرائيل عن عربدتها في المنطقة، واعتبارها، الأمل الوحيد لوقف الجرائم الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة والضفة، والحفاظ على ما تبقى من فلسطين.

صفعة أمريكية تالية، عندما حط روبيو رحاله في الدوحة، وكرر نفس الخداع الذي تمارسه الإدارة الأمريكية منذ السابع من أكتوبر 2023 وأعلن أن البيت الأبيض يدعم، بشروط إسرائيل، إيقاف الحرب، وطالب قطر عدم التخلي عن دورها كوسيط، وأكد أن الإدارة الأميركية تخطط قريباً لطرح مبادرة جديدة تهدف إلى كسر الجمود في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، لنبدأ من أول السطر:

"مفاوضات وهمية بتواطؤِ أمريكي لتمديد زمن القتل والتدمير والتجويع، لإفساح المجال أمام نتينياهو للإنتقام، وتحقيق هدفه في تهجير سكان غزة قسريا",

صفعة، لن تكون الأخيرة، وتحديدا في لبنان، البلد الذي أخذ للتو تعهدات وضمانات أمريكية بوقف الاعتداء الإسرائبلي على أراضيه بموجب إتفاقية يتم بمقتضاها إنسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، كمرحلة أولى تمهيدا لنزع سلاحه لاحقا بواسطة القوى السياسية المحلية في بيروت، وضواحيها، إلا أن إسرائيل لم تلتزم وتواصل الاعتداءات شبه اليومية، وتتنكر واشنطن لتعهداتها، بل وتزيد على عربدة إسرائيل، بمنحها حصانة دولية، ومدها بالسلاح لضرب أي عاصمة عربية.

العدوان الإسرائيلي على الدوحة، انطلق مع حالة الصمت العربي إزاء المجازر في فلسطين المحتلة، وتزامن مع تخلي النظام العربي عن المقاومة في فلسطين ولبنان، إلى درجة إفصاح بعض الأنظمة العربية عن رغبتها في إزاحة حماس ونزع سلاحها..

بالسلاح والنار، تصفعنا إسرائيل بخشونة في غزة والضفة ولبنان واليمن وإيران (الحبل على الجرار) وبدبلوماسية الابتزاز، تصفعنا أمريكا بنعومة في الدوحة.
----------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

صفعات خشننة وناعمة على الصدغ العربي