18 - 09 - 2025

خياراتنا السوداء

خياراتنا السوداء

في التعامل مع أزمة قطاع غزة؛ يمكن تقديم الحد الأدنى لتعرية وفضح جرائم الكيان؛ وذلك بالسماح للنشطاء والإعلاميين الغربيين بالدخول إلى الجانب الفلسطيني من القطاع، وتركهم لقوى الاحتلال؛ تسمح لهم بالدخول؛ أو تقتلهم، أو تلقي القبض عليهم وترحلهم؛ وفي كل إجراء من هذا ستكون فضيحة للكيان.

كما يمكن تبرئة الجانب المصري من غلق المعبر، عبر السماح لمن يريد من النشطاء بمرافقة شاحنات الطعام، والمساعدات؛ وفتح بوابات الجانب المصري لدخول الشاحنات إلى الشريط الحدودي الفاصل بين البوابة المصرية والفلسطينية ونقل ما تقوم به قوات الإحتلال.

كذلك السماح بادخال أكبر عدد من الأطباء المتطوعين من كافة الجنسيات إلى غزة؛ للمشاركة في علاج المرضي، والاطلاع على حقيقة الأمر، ونقل صورة واقعية عما يتعرض له المدنيون من أهل القطاع.

رحلات الاستعلامات

كما يمكن للهيئة العامة للإستعلامات، تنظيم رحلات إلى معبر رفح، للإعلاميين والنشطاء الغربيين على مواقع التواصل؛ وفتح بوابة الجانب المصري لعبورهم إلى الجانب الفلسطيني، وتركهم لقوى الاحتلال.

إذا كان العرب في مرحلة عجز تام، وشلل عن اتخاذ أي موقف؛ فلا مناص من السماح للأصوات الغاضبة بالوصول والمشاركة في دعم أهل القطاع؛ ولو عبر تعرية الكيان، وسياساته العنصرية ضد المدنيين العزل؛ خاصة الأطفال والنساء والمرضى والمنشآت المدنية.

في هذا الزمن العصيب، الذي تم إخصاء الأمة العربية فيه من كل مقومات الممانعة، نحتاج إلى أصوات داعمة للحق العربي؛ في ظل توحش غير مسبوق من الكيان العنصري.

فالكيان يتمادى يوميا في إظهار غطرسته ونازيته ؛عبر قتل وتهجير أهالي القطاع؛ الذين لا بواكي لهم أو عليهم.

الطوفان يكشف ما كان

وإن ما كشفه طوفان الأقصى؛ هو ما كان يخطط له الكيان في صمت، منذ عشرات الأعوام؛ عبر توسعه واحتلاله لدول عربية وتخريبها من الداخل، أو شن العدوان عليها؛ كما في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن.

تظهر نوايا العدو، أن مصر ليست بعيدة عن أطماعه، خاصة سيناء، ولعل المقاومة في لبنان وغزة واليمن، خط دفاع أول وأخير عن مصر التي لم يتبق من الجيوش العربية الفاعلة غير جيشها.

يقول التاريخ وقوله الفصل، إن سقوط بغداد ودمشق كان يتبعه دائما هجوم على مصر، ومحاولة اسقاطها؛ غير أن مصر كانت وما زالت عقبة كؤود في وجه كل عدوان على المنطقة؛ وأنها كانت تخوض الحروب اضطرارا، فتحرر دمشق، وتعيد لبغداد وجهها المضيء.

سقط الجيش العراقي وتم تفكيكيه بطلب أمريكي ورغبة صهيونية دفينة انتقاما ممن أسروا أجدادهم عبر السبي البابلي.

كما تحلل الجيش السوري وتبخر؛ وما زالت مصر تعتبره الجيش الأول منذ الوحدة بين القاهرة ودمشق عام 1958؛ ورغم أنها لم تستمر سوى ثلاث سنوات ونصف، فما زالت مصر تؤمن بوجود وأهمية الجيش السوري، وتطلق على أهم تجمعين عسكريين لديها إسم؛ الجيش الثاني الميداني، والثالث الميداني؛ باعتبار أن الجيش الأول، كان الجيش السوري.

الجيش المصري وحيدا

لم يعد في الواجهة سوى الجيش المصري؛ وهو يدرك جيدا خطورة العدو، وما زالت عقيدته القتالية تقول إن الكيان هو العدو الأول؛ رغم محاولات تغيير عقيدته القتالية والعسكرية منذ عهد المشير طنطاوي، والذي رفض تلك الضغوط الأمريكية المغلفة بطلب صهيوني.

كما يحسب للقيادة المصرية قيامها بتنوع مصادر السلاح للقوات المسلحة عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ وإدراكها خطورة المرحلة، وما يقوم به الأعداء؛ فالرهان على السلاح الأمريكي وحده كتسليم القط مفتاح القرار كما يقال.

وبالعودة إلى ما يحدث في القطاع؛ فإن جهدا يبذل في الخفاء والعلن، لإبقاء أهالي القطاع في أرضهم وتقديم الدعم لهم بكل الصورة المتاحة، لهو خير دفاع عن أمن مصر القومي؛ وتأكيد لفشل الكيان في الانتصار على 365 كيلو متر منزوعة السلاح الثقيل هي اجمالي مساحة غزة.

هزائم للكيان

ورغم سوداوية الواقع؛ ندرك تماما هشاشة الكيان وهزائمه التي حاقت به منذ بدء طوفان الأقصى؛ فرغم آلة البطش لديه، فقد فشل في الوصول لجنوده الأسرى لدي المقاومة في القطاع؛ كما فشل في تحقيق أي نصر على إيران؛ وطلب تدخل واشنطن لانقاذه من صواريخ طهران، فضرب الجيش الأمريكي المفاعلات النووية الإيرانية وتم وقف اطلاق النار.

لاسترداد بعض هيبته، وهيمنته على المنطقة؛ يحاول الكيان في أزمته الوجودية تحقيق نصر ولو بإبادة أهالي القطاع، لكن رد فعل المواطنين، والنشطاء الغربيين في دول العالم، كشف زيف الصهيونية؛ ومحا صورة ظل العدو ينفق عليها ويروجها لعشرات الأعوام حول ديمقراطيته، وإنسانيته، ووجوده وسط بحر من العرب المتوحشين الذين يريدون إبادته؛ وها هو العالم يرى بعينيه جرائم الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال؛ لينقلب بعض السحر على الساحر.
-----------------------------
بقلم: معوض جودة

مقالات اخرى للكاتب

خياراتنا السوداء