بعد نهاية إجتماعات وزراء الخارجية أمس ، اتضحت إلي حد كبير النتائج المتوقعة لقمة الدوحة ، التي تبدو مثل قمة " الدوحة " ، حيث تأكدت مخاوفنا التي أعربت عنها في مقالي بالأمس :" هل تكون قمة الفعل أم الكلام ؟" ، وأبديت التحفظ علي العدد الكبير للمؤتمرين ، والذي يقود غالباً إلي تعثر التوصل إلي قرارات حاسمة ، وسيادة منطق التوافق الذي يؤدي في النهاية إلي ما أسميته :" التوافق علي الحد الأدني " .
ومنذ يومين ، أتلقي سؤالا واحدا بتعابير متنوعة : ماذا تتوقع من القمة الإسلامية العربية ؟..وإجابتي ثابتة ، وإن تنوعت في الأساليب : لا أتوقع الكثير لأسباب (وكنت أشرحها ) ..
وكنت أري أنه يكفي صدور قرار مصيري واحد بدعم مبدأ المقاومة المسلحة للإحتلال ، وتنفيذ القرار بكل ما يحمله من أبعاد ..
كما كنت أتمني أن يتحقق ما لا يتوقعه أحد ، ببروز موقف صلب يناطح الصلف الصهيوني ، رغم إدراكي أن الواقع العربي والإسلامي مريض ، والجسد المريض لا يقوي إلا لإيذاء نفسه .
ومع ذلك تشكك البعض من إمكانية صدور أي قرارات من القمة علي أساس تخوف القادة من قرارات تغضب أمريكا ، وتهدد مقاعدهم .. ولكن ألا يدرك الكافة أن المشكلة بعد ما حدث في قطر ، فإن الخطر يتهدد كل العروش ، وليس الشعوب فقط هذه المرة .
أصبح من اللازم إيجاد صيغة إنقاذ تعرض اليوم علي القمة ، تتبناها مصر ومعها بعض الدول المؤثرة ، وقد يتمثل ذلك في أن يضاف إلي إعلانات الشجب والإستنكار والمناشدة ، قرار بتبني " إستراتيجية إحتواء خطر التمدد الصهيوني " ، وتكليف مجموعة مختارة من دول المجموعتين العربية والإسلامية ، بوضع الخطط الكفيلة بتنفيذ هذه الإستراتيجية ، كمجموعة عمل من دول مثل مصر وإيران وتركيا والسعودية والجزائر وباكستان ، وذلك في مدي زمني قصير متفق عليه ، مع تكليف وزراء خارجية تلك المجموعة بالتوجه إلي نيويورك لطرح مشروع قرار تحت الفصل السابع يلزم إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة وسحب قواتها من القطاع ، وتعويض الحكومة القطرية عن الأضرار المادية والمعنوية .
المسألة ليست نجاح أو فشل " قمة " يمكن أن تدرج شأن غيرها في متحف الصور التذكارية ، وإنما تتمثل خطورة خروج قرارات للقمة دون المستوي المأمول سوف تكون في حد ذاتها تهديداً للسلام والأمن الإقليمي ، لأن ذلك سوف يرسل رسالة طمأنة إضافية لإسرائيل تسمح لها بالمزيد من الخروقات والإنتهاكات في منطقة الشرق الأوسط ، وليس أدل علي ذلك من قيام رئيس الكنيست بعرض فيديو قصف الدوحة وهو يعلق بغرور " أن تلك رسالة لكل دول الشرق الأوسط " …
أن قمة الدوحة لهذا السبب قد تكون الفاصل ما بين تحقيق توازن ما يحفظ الأمن والسلام في الشرق الأوسط ، وبين نيران حروب سوف تشعلها إسرائيل في كل دول المنطقة بلا إستثناء .
لا شك في أهمية الطرق علي الحديد وهو ساخن ، خاصة في وجود رأي عام دولي رافض بشكل متزايد لهمجية ووحشية السياسات الصهيونية ، وفي أعقاب جريمة الإعتداء علي دولة تتولي أعمال الوساطة ، وتحظي بقبول دولي واسع …فأن الفرصة متاحة لتصعيد متدرج لإحكام " إستراتيجية إحتواء خطر التمدد الصهيوني ".
------------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق