التهديدات الأخيرة التي أطلقها مندوب الكيان الصهيوني المُحتل في مجلس الأمن بإمكانية ملاحقة واغتيال قادة حركة حماس خارج حدود قطاع غزة، حتى في الدوحة أو طهران أو أي دولة أخرى يتواجد بها قادة حماس، تفتح بابًا واسعًا للتساؤل حول مستقبل الحركة وقادتها، بل ومستقبل المشهد الفلسطيني بأكمله.
قطر، التي تستضيف عددًا من قادة حماس منذ سنوات، تجد نفسها أمام خيار صعب. فإذا تعاملت مع التهديد الإسرائيلي بجدية فقد تضطر إلى مطالبة قادة الحركة بمغادرة أراضيها تجنبًا لأي إحراج أو استهداف عسكري على أراضيها. لكن السؤال: إلى أين يتوجه هؤلاء القادة إذا أُغلق الباب القطري؟
إيران تبدو في الظاهر الوجهة الأقرب، لكنها ليست خيارًا مضمونًا. فإسرائيل أعلنت بوضوح أنها ستلاحق القادة حتى في طهران، ما يجعل أي دولة تفكر مليًا قبل استقبالهم. وهذا يضع الحركة أمام معضلة حقيقية، حيث تقلّصت الملاذات الآمنة وأصبح وجودها القيادي مهددًا في أي مكان.
في ظل هذه المعطيات، قد تجد حماس نفسها تحت ضغط متزايد لقبول حلول سياسية. من بينها تسليم ملف المحتجزين للسلطة الفلسطينية، وتسليم السلاح، والتحول إلى حزب سياسي يمارس نشاطه ضمن النظام السياسي الفلسطيني. هذه الخطوة، إن حدثت، قد تمثل مخرجًا مؤقتًا يوفر للحركة حماية نسبية ويتيح فتح المعابر وبدء عملية إعادة الإعمار. لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات حول مدى قبول قواعد الحركة بهذا التحول، ومدى استعداد الكيان الصهيونى المحتل للاعتراف بشرعية سياسية لحماس.
أما في حال رفضت الحركة هذا المسار، واستمر استهداف قادتها بالاغتيال، فإن مستقبلها قد يكون على المحك. فغياب القيادة المركزية في ظل استمرار التدمير داخل غزة قد يؤدي إلى تفكك البنية التنظيمية وانصراف الكوادر عن مواقعهم، لتجد الحركة نفسها في وضع مشابه لما واجهه الجيش العراقي بعد سقوط بغداد عام 2003، حين انهارت القيادة وتبخرت المؤسسة.
وفي هذا السياق، يبرز احتمال أن تتحول مصر إلى محطة بديلة لاحتضان بعض قادة حماس، خاصة في ظل علاقاتها التاريخية بالملف الفلسطيني وحدودها المباشرة مع قطاع غزة. غير أن هذا الخيار لا يخلو من تعقيدات؛ فقبول القاهرة باستضافة قادة الحركة قد يعرّضها لضغوط إسرائيلية وأميركية متزايدة، فضلًا عن توتر محتمل مع أطراف إقليمية ترى في حماس تهديدًا لمصالحها. كما قد يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها ورقة ضغط جديدة في يد مصر لتعزيز دورها كوسيط أساسي في القضية الفلسطينية، لكنها في المقابل قد تضعها في قلب مواجهة دبلوماسية وأمنية معقدة، تجعلها مطالَبة بالموازنة بين متطلبات الأمن القومي ومكانتها الإقليمية والتزاماتها الدولية.
يبدو لي أن مستقبل قادة حماس محاصر بين خيارات محدودة: إما القبول بتحولات سياسية مؤلمة، أو مواجهة خطر الاغتيال والانهيار. وبين هذه السيناريوهات، يظل العامل الإنساني في غزة هو الأكثر إلحاحًا، حيث يترقب المدنيون أي انفراجة توقف القصف وتسمح بعودة الحياة، بعيدًا عن حسابات القوة والسياسة.
--------------------------------
بقلم: إبراهيم خالد