13 - 09 - 2025

ضوء | وماذا بعد؟

ضوء | وماذا بعد؟

اجتمع مجلس الأمن لإدانة العدوان الصهيوني على الدوحة، ووقفت أغلبية الدول المجتمعة، (١٤) دولة، مع قطر، شجباً للعدوان الصهيوني، وفي الاجتماع نفسه، يهدد مندوب الكيان بكل صفاقة قطر علناً بأنه سيعيد الكرّة! بحجة ملاحقة الأرهاب!
والعالم كله يرى إن الكيان الصهيوني هو الإرهابي الصغير، بحماية ورعاية الإرهابي العالمي الكبير.
الحجة الأولى التي يكررها الكيان الصهيوني، لتبرير عدوانه، هي محاربة (الإرهاب)، فكل من يعادي الصهيونية إرهابي في نظرهم ويستحق الموت، كما أن معاداة السامية حجة مضحكة، لأننا نحن ساميون أيضاً، وبالتالي من يقف ضد العرب إرهابي، وكأنهم يدينون انفسهم.
أما الحجة الثانية التي يكررها دوماً الصهاينة تبريرًا لعدوانهم على مختلف الدول، فهي (الأمن)، والتي بسببها احتلوا جزءاً كبيرًا من الوطن العربي، ويأتي احتلال غزة والضفة بنفس الحجة، لكن الحقيقة هي مخططاتهم ومؤامراتهم الدنيئة، لتحقيق مشروعهم، بإقامة الدولة المزعومة من النيل إلى الفرات.
أمريكا والصهاينة هم صنّاع الحروب، يقتاتون عليها ويتاجرون بها، لذلك من الطبيعي أن يقفوا ضد السلام المتمثل في حلّ الدولتين، بقيادة السعودية وفرنسا.
وقد أعقب قرار مجلس الأمن بإدانة العدوان على قطر، اجتماعاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حلّ الدولتين، بحضور ١٦٤ دولة، وأيدته ١٤٢ دولة، ورفضته عشرة دول فقط، و١٢ دولة امتنعت عن التصويت.
والدول الرافضة لحل الدولتين، إذا استثنينا أمريكا والكيان الصهيوني منها، نرى أن ستة دول منها مستحدثة أمريكياً، وكانت عبارة عن جزر في المحيط الهادئ، وتم فصلها عن الدول التابعة لها، وعانت شعوبها الأصلية من الاستعمار ولاتزال، وتقاسمت تلك الجزر، الدول الاستعمارية (إسبانيا وألمانيا وأستراليا وبريطانيا واليابان)، على مدى قرون، وتلك الدول المستحدثة دائماً تقف في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد مصلحة العرب، ومع كل القرارات التي تؤيدها أمريكا، لأنها آلت سياسياً واقتصادياً إلى أمريكا، وأصبحت عملتها الرسمية الدولار، والدول الست هي:
-بالاو : كانت تتبع الفلبين، عدد سكانها ١٧ ألف نسمة، وبالاو تعني القرية، وليس لها جيش وتعتمد كلياً على أمريكا في الدفاع عنها.
-ميكرونيسيا:  هي جزء من جزيرة أوقيانوسيا، وتنقسم جزرها بين ست دول، وتوجد أربع مجموعات جزر فيها هي: كارولين، وجيلبرت، وماريانا، ومارشال، والخامسة جزيرة ناورو، التي انفصلت عنها وأصبحت دولة لوحدها.
-ناورو: عدد سكانها ١١ ألف نسخة ومساحتها ٢١ كم٢ فقط.
-بابوا غينيا الجديدة: عدد سكانها حوالي ٩ مليون.
-تونغا: أرخبيل يضم ١٧٦ جزيرة، وسكانها يتجاوز ١٠٠ ألف نسمة.
-بارغواي: دولة غير ساحلية عدد سكانها ٧ مليون نسمة.
وطبعا ما يحزّ في النفس أن تقف هنغاريا والأرجنتين ضد القرار، مع أنه من المعروف أسباب وقوفهما مع الكيان الصهيوني.
اما الدول التي امتنعت، فهي: التشيك، الكاميرون، الكونغو الديمقراطية، الإكوادور، أثيوبيا، ألبانيا، فيجي، غواتيمالا، ساموا، مقدونيا الشمالية، مولدوفيا، وجنوب السودان.
يحزّ في النفس أن يقف جزء من السودان وأثيوبيا والتشيك ضدنا بعد أن كانوا معنا.
وعلى الدول العربية والإسلامية التنسيق معاً، لإتخاذ خطوات عملية، دبلوماسية واقتصادية وتجارية وسياسية، تجاه الدول التي وقفت ضد القرار، والتي امتعنت عن التصويت.
إن حجج الصهاينة للاحتلال والتدمير واهية، وكل قادتهم يصرّحون علناً بقرب تحقيق اسرائيل الكبرى، والحقيقة والواقع يقول: إن من عطّل مشروعهم الاحتلالي الاستيطاني لسنوات طويلة، هو وجود الجيوش الوطنية، وسلاح المقاومة.
لذلك يسعى الصهاينة إلى إخلاء الأرض العربية جيشاً وشعباً من السلاح، وما فعلوه في العراق وسوريا والسودان وليبيا شاهد، تدمير الجيوش قبل أي شيء.
إن المقاومة حق أصيل، كفلتها كل الشرائع، وشرعتّها كل القوانين الدولية، للدفاع عن النفس.
يريدون جيشاً بلا سلاح وشعباً ميتاً لا يقاوم، لكي يصبح الكيان الصهيوني القوة الوحيدة السائدة في المنطقة.
وبعد تصفية السلاح في كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، سيُخلى السلاح في العراق ومصر والسعودية، ويُسيطر عليه، لخلق دول شكلية واهية، أرضها وسماءها وبحرها مُباح سداح، بلا جيوش ولا أسلحة ولا شعب يقاوم وجودهم، لأن الصهاينة يعتبرون أنفسهم أصحاب الأرض، بل هم الوجود بذاته!
ثم بعد ذاك سيركز الكيان الصهيوني أنظاره  على تركيا وإيران وشمال أفريقيا، لمتابعة صناعة دول بلا جيوش أو على الأقل السيطرة على سلاح الجيوش كلياً، بعد أن ينتهي من دول الطوق والجوار.
وفعلاً لا دولة خليجية ولا عربية أو حتى أجنبية، في منأي عن انتهاك سيادتها، من العدو الصهيوني، وضرب القوانين الدولية عرض الحائط.
لذا ما العمل؟
-نحتاج من الدول الخليجية والعربية إلى وقفة رجل واحد.
-ونحتاج من الدول الأجنبية والإسلامية المساندة العسكرية والسياسية والإعلامية.
-نحتاج إلى حشد كل الصفوف والجهود من أجل كسب المعركة.
إن المعركة هي:
-بين الإرهاب الصهيوني المدعوم أمريكياً،وبين السلام العالمي.
-بين الإنسانية والتحضر من جهة، والهمجية والتوغل في التوحش الصهيوني.
-بين قيم الشرائع والقوانين والأعراف الدولية، وبين الفوضى والدمار وقانون الغاب والتسيّد الصهيوني الأمريكي.
لذلك لا خيار لنا وللعالم أجمع، وإلا فالسلام علينا جميعاً، أنظمة وشعوبًا، والسلام على أمة كانت تُسمى الأمة العربية والإسلامية، والسلام على الإنسانية جمعاء.

----------------------------------

بقلم: د. أنيسة فخرو

سفيرة السلام والنوايا الحسنة

المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام

مقالات اخرى للكاتب

ضوء | وماذا بعد؟