13 - 09 - 2025

كلام والسلام | الحديدة .. التي جننت المشاهير

كلام والسلام | الحديدة .. التي جننت المشاهير

والحديدة هنا .. هي الميكروفون وفي قول آخر . . الكريستالة.

في الفن .. كانت لها صولات وجولات مع نجوم في الشرق والغرب .

في أمريكا .. مرة أمسك بها معبود الشباب في خمسينيات القرن الماضي .. الفيس بريسلي وظل يغني بها ليوم طويل .. قبل أن يهزمه التعب . وقيل وقتها أنه امسك بها ورفض التخلي عنها .. حتي لا يتيح الفرصة لمعشوق لها ٱخر كان يزاحمه هو جيمس دين .

وظل يغني حتي سقط مغشيا عليه ..

والأمر ذاته كان يحدث مع فرانك سبناترا ومادونا ومايكل جاكسون .. كانوا يعشقون الحديدة .. أكثر من عشقهم لأنفسهم.

وفي إيطاليا قبل أن مغني أوبرالي ظل يمسك بها بقوة .. حتي سقط صريعا علي المسرح .. شهيد الحديدة .

وفي مصر .. كانت أم كلثوم تقف علي بعد كبير من الحديدة . ربنا ظنا منها أنها لامحالة هالكة . وأنها مقبرة المشاهير ولو بعد حين .

أما فريد شوقي في فيلم بداية ونهاية .. فقد أمسك بها عنوة .. مرغما  المعازيم في فرح بلدى علي الاستماع له بالقوة . وانتهي الأمر بأن الفرح باظ .. ورغم ذلك أصر هو علي قبض أتعابه بالكامل .. وإلا .

وفي نيجيريا قيل أن مطربة شهيرة ظلت تغني لثلاثة أيام متواصلة .. رغم رداءة صوتها ونشازها .. لا لشيء إلا لتدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية .. كأكثر الأغنيات صمودا أمام الحديدة.. علي خشبة المسرح . ولم يحطم رقمها حتي الآن .

أما في السياسة فحدث ولا حرج ؟ ولكن يبدو أن الحديدة هي عشق القادة والساسة الكبار ولكن من عينة .. الديكتاتوريات . الذين اختاروا الحديث وحدهم .. دون السماح لغيرهم بمجرد الهمس وإلا .

ووصل الأمر في بلد مثل كوريا الشمالية .. أن يرتب الأمر كالتالي .. الزعيم يمسك بالحديدة ويتحدث في الفاضي والمليان .. وبعد حين يتوقف عامدا عن الحديث لا لشيء إلا للسماح لمستمعيه بالتصفيق وفي تناغم منظم .. إعجابا بعبقريته الفذة وفلسفته النادرة وإلا .

ففي البلدان الشيوعية السابقة والحالية في الصين وبقاياها في كوبا .

وقف القادة .. ماوتسي تونج وكيم  وستالين وموسوليني . بالساعات يخطبون ويرسمون طريق الأوهام المفروش بالوعود والأحلام الكاذبة .

ووقف هتلر بإشارته التاريخية هاي هتلر .. ليعلن مولد قائد ديكتاتور نازى جديد .. جر العالم لأفظع شروره .. وأشعل حربا عالمية أكلت الاخضر واليابس .

وفي عالمنا العربي .. لم يخل الأمر من زعماء من ورق .. أمام حديدة لاحول لها ولاقوة .. من عينة صدام والقذافي وعبدالناصر والسادات وهلم جرا .

سحرتهم جميعا الكريستالة التي كانت حديدة .. وتحكموا في مصائر شعوب .. أنهكتها الحروب والبطولات الزائفة . وأحلام وآمال .. جنون العظمة واحنا أقوى دولة ونحن قوة عظمى . ونحن سنرمى إسرائيل في البحر .

والويل لأمريكا الشيطان الأعظم .

أما في إيران فتقاس قوة آية الله وهو رجل الدين هناك .. ليس لأنه ينتمى للبيت النبوى ويلبس العمامة السوداء .. وليس مجرد أية لله يلبس العمامة البيضاء ولا ينسب للبيت النبوى .. ولكن للعجب العجاب بقدرته علي الحديث ولأطول فترة ممكنة .. مظهرا قدرته الفائقة علي التنقل من موضوع لآخر .. وجذب المستمعين .. وهو لا يدرى من كثرة انسجامه مع الكريستالة .. أنهم قد غطوا في سبات عميق. . وارتموا في أحضان النوم .. أمامه .

أما الشعوب فلها حديدة  من نوع اخر ..عبر عنها الراحل أحمد مطر بأبياته ..
حملت شكوي الشعب
في قصيدتي
لحارس العقيدة
وصاحب الجلالة الاكيدة.
قلت له :
شعبك يا سيدنا
صار (( علي الحديدة )) .
شعبك يا سيدنا
تهرأت من تحته الحديدة .
شعبك يا سيدنا
قد أكل الحديدة !
وقبل أن أفرغ
من تلاوة القصيدة
رأيته يغرق في أحزانه
ويذرف الدموع .
وبعد يوم
صدر القرار في الجريدة :
أن تصرف الحكومة الرشيدة
لكل رب أسرة
.. حديدة جديدة  .

-----------------------------------

بقلم: خالد حمزة

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام | الحديدة .. التي جننت المشاهير