تترقب المنطقة انعقاد القمة العربية-الإسلامية في الدوحة خلال الأسبوع المقبل، لتشكل منصة لتوحيد المواقف العربية والإسلامية تجاه الاعتداء الإسرائيلي.
وأوضح مراقبون أن القمة تمثل فرصة لتأكيد دعم جميع الدول العربية لقطر، ولإرسال رسالة قوية بأن دور الدوحة كوسيط إقليمي ودولي في ملفات التهدئة وحل النزاعات، لا يمكن المساس به.
وبحسب تقارير إعلامية، أكد خبراء، أن عام 2025 كان عصيبًا على قطر، إذ تعرضت لهجومين متتاليين: الأول من إيران في يونيو، والثاني مؤخرًا من إسرائيل، ما يضع الوساطة القطرية أمام تهديد حقيقي ويعرض الثقة بين الأطراف للتحدي، خصوصًا إذا لم توفر الولايات المتحدة ضمانات لسلامة الدوحة واستمرار دورها الوسيط.
وأشارو إلى أن القمة المرتقبة قد تكون لحظة مفصلية لتوحيد الموقف العربي والإسلامي تجاه إسرائيل، بما يعزز الضغط على واشنطن لتغيير مقاربتها، خصوصًا مع تزايد الأصوات الأوروبية الداعمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وتهديد بعض الدول بتعليق جزئي للشراكة مع تل أبيب.
إدانات عربية ودعم خليجي
تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة الدول الداعمة لقطر، حيث قام السفير عبدالعزيز بن عبدالله المطر، المندوب الدائم للمملكة لدى جامعة الدول العربية، بزيارة رسمية لمقر بعثة قطر في القاهرة، مؤكداً دعم الرياض الكامل للدوحة، واعتبار أي عدوان على دولة عربية تهديدًا للأمن القومي للمنطقة.
من جهتها، زار رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، الدوحة، مع وفد رفيع المستوى ضم شخصيات بارزة من وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني، لتأكيد دعم بلاده “لكل الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها”، في رسالة واضحة بأن أمن الخليج خط أحمر، وأن استهداف قطر هو استهداف مباشر للأمن الخليجي ككل.
كما غادر وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، إلى الدوحة في زيارة تضامنية لدعم دولة قطر، مؤكداً على وقوف القاهرة الكامل إلى جانب الأشقاء في كل ما يضمن حماية سيادتهم وأمنهم الوطني، بما يعكس وحدة الصف العربي واستعداد مصر لتعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي في هذه المرحلة الحرجة.
وتوجّه الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ممثل أمير الكويت ولي العهد، الأربعاء، إلى الدوحة بعد يوم من تعرض العاصمة القطرية لهجوم جوي إسرائيلي استهدف مقرات سكنية لقيادة حركة «حماس».
وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن ممثل أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، توجه والوفد الرسمي المرافق إلى دولة قطر في زيارة أخوية.
وأدانت الكويت «الاعتداء الغاشم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على دولة قطر»، في وقت سابق الثلاثاء، ووصفته بأنه «انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية».
كما أعربت كل من الأردن والمغرب عن موقف ثابت تجاه الدوحة، مؤكدة على وحدة الصف العربي وضرورة اتخاذ موقف جماعي لحماية المصالح العربية المشتركة.
وعبّرت سلطنة عمان والبحرين عن دعمها الكامل للدوحة، مشددة على أهمية تعزيز التعاون الخليجي لضمان وحدة الصف العربي في مواجهة أي تهديدات خارجية، وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني للدوحة عند الحاجة.
دول عربية أخرى وفلسطين
أدانت العراق ولبنان وسوريا العدوان الإسرائيلي على قطر، معتبرين أنه تهديد للأمن الإقليمي ويستوجب موقفًا عربيًا موحدًا، فيما أكدت السلطة الفلسطينية دعمها الكامل للدوحة، معتبرة الهجوم محاولة لتقويض الاستقرار في المنطقة.
التضامن الإسلامي والدولي
غادر رئيس وزراء باكستان محمد شهباز شريف إسلام آباد متوجهًا إلى الدوحة في زيارة رسمية لتأكيد تضامن بلاده الكامل مع قطر، معتبرًا دعمها واجبًا أخويًا وإسلاميًا.
وعلى المستوى الدولي، أعربت روسيا والصين عن إدانتهم للعدوان الإسرائيلي، مشددين على ضرورة احترام سيادة الدولة.
وأكدت ألمانيا دعمها السياسي والحقوقي للدوحة، مع ضرورة حماية الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى استعدادها لدعم أي جهود دبلوماسية لحماية قطر في المحافل الدولية.
كما أبدت تركيا وإيران دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا لقطر، مؤكدة ضرورة الوقوف إلى جانب الدوحة في هذه المرحلة الحرجة، فيما أعربت عدة دول أوروبية صديقة عن استنكارها للعدوان، داعية المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان حماية سيادة الدولة.
التضامن الشعبي والمؤسسات المدنية
شهدت الدول العربية حملة شعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المواطنون عن دعمهم للدوحة برسائل وصور ومقاطع فيديو، فيما نظمت الجمعيات والمؤسسات العربية فعاليات تضامنية ومؤتمرات صحفية لتسليط الضوء على آثار العدوان سواء على المستوى الإنساني أو السياسي، مؤكدة أن التضامن الشعبي يعزز قوة الموقف الرسمي.
جامعة الدول العربية: تحرك عاجل
دعت جامعة الدول العربية إلى اجتماع عاجل لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطر، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية سيادة الدولة، مؤكدة أن التضامن العربي يشمل كل الإجراءات العملية لضمان حماية السيادة الوطنية واستقرار المنطقة.
الدروس والدلالات
يرى الباحث محمد الظهوري أن العدوان على قطر وتهديد دورها كوسيط يشكل تحديًا مباشرًا للأمن الإقليمي، موضحًا أن القمة المرتقبة تمثل فرصة لتوحيد المواقف العربية والإسلامية، وإرسال رسالة إلى إسرائيل والولايات المتحدة بأن أمن الخليج العربي ركيزة لا يمكن تجاوزها، وأن استهداف قطر يضر بالمسار التفاوضي في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الموقف الإماراتي الأخير يعكس متانة العلاقات التاريخية بين الدوحة وأبوظبي، وأن استهداف قطر هو استهداف مباشر للأمن الخليجي ككل، كما أشار إلى أهمية التوازن بين المصالح الأمريكية والخليجية لتحقيق دور فعال للوساطة القطرية.
ويعكس التضامن العربي والدولي مع قطر عقب العدوان الإسرائيلي على الدوحة عمق العلاقات الأخوية والتعاون السياسي بين الدول العربية والدول الصديقة، ويؤكد على وحدة الصف في مواجهة أي تهديد خارجي. وتُظهر هذه المواقف قدرة العالم العربي والدولي على التحرك بسرعة وبشكل منسق للدفاع عن سيادة الدول الشقيقة، كما تعكس حرص الدول على تعزيز التضامن السياسي والاقتصادي والقانوني في مواجهة أي انتهاكات خارجية.
وتظل قطر في موقع قيادي كوسيط إقليمي، مع استعدادها لاستضافة القمة العربية-الإسلامية لتعزيز الأمن الجماعي ووضع الأسس لموقف موحد في مواجهة التحديات المستقبلية.