شهدت العاصمة نيودلهي فعاليات مؤتمر “سيميكون الهند 2025” حيث قام وزير الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات بالحكومة الاتحادية، أشويني فايشناو، بإهداء أول شريحة إلكترونية مصنوعة بالكامل في الهند وتحمل اسم “فيكرام” إلى رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
الشريحة الجديدة تُعد أول معالج دقيق محلي الصنع بمعمارية 32-بت، طُوِّرت في مختبر أشباه الموصلات التابع لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO)، وتم تصنيعها في منشأة متطورة بمدينة موهالي بولاية بنجاب.
وتُبرز “فيكرام” قدرة الهند على إنتاج تكنولوجيا متقدمة قادرة على العمل في أصعب الظروف، مثل مهمات إطلاق الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية.
وأكد الوزير فايشناو أن هذا الإنجاز يُجسد ثمرة “الرؤية البعيدة المدى” لرئيس الوزراء مودي، موضحًا أن الهند تمكنت خلال ثلاث سنوات ونصف فقط من إنشاء خمس وحدات إنتاجية في مجال أشباه الموصلات، لتضع نفسها على خريطة الدول الرائدة عالميًا في هذا القطاع الحيوي.
وبحسب تقرير مؤسسة “باستيون ريسيرش”، تضم الهند نحو 20% من مهندسي تصميم الرقائق الإلكترونية في العالم، ما يجعلها حلقة رئيسية في منظومة صناعة الرقائق عالميًا.
كما تحتضن مدن مثل بنجالورو وحيدر أباد ونويدا مراكز بحث وتطوير ضخمة لشركات عالمية كبرى، بينها كوالكوم وإنتل ونفيديا وميديا تيك وبرودكوم، وهو ما رسّخ موقع الهند كمركز عالمي لتصميم الرقائق.
التقرير أوضح أيضًا أن المهندسين الأمريكيين يركزون على وضع البنى الأساسية للرقائق وتحديد مواصفاتها، بينما يتولى المهندسون الهنود الأدوار التنفيذية الأكثر دقة، مثل المحاكاة والاختبار وتحسين الأداء وكتابة البرامج الثابتة.
ولتعزيز هذا التوجه، أطلقت الحكومة الهندية عام 2021 برنامج “سيميكون الهند” بحوافز مالية ضخمة تصل إلى 418 مليار جنيه مصري لجذب كبرى الشركات المصنعة.
كما وافقت الحكومة حتى الآن على 10 مشاريع استراتيجية في ست ولايات بقيمة تتجاوز 880 مليار جنيه مصري، ضمن المرحلة الثانية من المبادرة “سيميكون 2”.
ويقول سانديب كومار، الرئيس التنفيذي لشركة “إل آند تي لتقنيات أشباه الموصلات”، إن الهند تستهلك حاليًا ما قيمته 1.2 تريليون جنيه مصري من الرقائق، وهو رقم مرشح للارتفاع إلى 5-6 تريليونات جنيه مصري بحلول 2030، مؤكدًا أن بدء الإنتاج المحلي سيمنح الهند حصة أكبر في السوق العالمية.
كما أطلقت الرابطة الهندية للهواتف الخلوية والإلكترونيات (ICEA) “منتدى قيادة منتجات أشباه الموصلات” بهدف بناء منظومة متكاملة للتصميم والابتكار وحماية الملكية الفكرية، مع خطة لإطلاق 100 شركة جديدة بحلول عام 2035 توفر نصف مليون فرصة عمل.
ويُعد تدشين شريحة “فيكرام” نقطة تحول في مسيرة الهند نحو الاستقلال التكنولوجي، ورسالة قوية للعالم بأن نيودلهي باتت قادرة على الجمع بين الطموح والرؤية والاستثمار لقيادة مستقبل صناعة الرقائق، في وقت يشهد فيه العالم سباقًا محمومًا للسيطرة على هذا القطاع الاستراتيجي.