06 - 09 - 2025

الزعيم عبدالناصر مَـر من هـُنا

الزعيم عبدالناصر مَـر من هـُنا

الزعيم عبدالناصر مَـر من هـُنا

عندما نذكر اسم جمال عبدالناصر، فإننا نتحدث عن قائد خرج من رحم الأمة ليعيد إليها الأمل والكرامة بعد سنوات من الاحتلال والتبعية. وُلِد الزعيم جمال عبدالناصر في 15 يناير 1918 بالإسكندرية، ونشأ في أسرة بسيطة، لكن طموحه كان أكبر من حدود الفقر. التحق بالكلية الحربية عام 1937، وكان شاهدًا على هزيمة 1948 في فلسطين اثناء الحصار في بلدة الفالوجة بالأراضي المحتلة، التي زرعت بداخله إصرارًا على تحرير الوطن من الاستعمار والفساد.

وفي 23 يوليو 1952، قاد مع رفاقه ثورة الضباط الأحرار التي أطاحت بالملكية وأعلنت الجمهورية. قال حينها في بيانه الأول: "لقد اجتمعنا على أن نقضي على الفساد والاستبداد". ومنذ تلك اللحظة بدأ مشروعه الوطني، ليكتب فصلاً جديدًا في تاريخ مصر.

في 26 يوليو 1956، أعلن عبدالناصر قراره التاريخي بتأميم قناة السويس ردًا على سحب تمويل السد العالي، قائلاً:

"لقد اتخذنا قرار تأميم الشركة العالمية لقناة السويس لحساب الشعب المصري، وهو قرار لا رجعة فيه".

هذا القرار فجّر العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) في 29 أكتوبر 1956، لكن صمود مصر حوّل الهزيمة العسكرية إلى نصر سياسي، أجبر المعتدين على الانسحاب تحت ضغط المقاومة والشعب المصري.

لم يتوقف حلمه عند الاستقلال السياسي، بل سعى للاستقلال الاقتصادي. ففي 9 يناير 1960، وضع حجر الأساس للسد العالي في أسوان، قائلاً:

"إننا نبني السد العالي لنبني حياتنا، لنقضي على الفقر، لنقيم عدالة اجتماعية".

واكتمل المشروع في عام 1970، ليصبح رمزًا للتحدي والإرادة، يروي قصة أمة قررت أن تتحرر من قيود الفقر والجهل.

جمال عبد الناصر مَر من هُنا، مرّ من كل قرية في مصر وهو يرفع شعار العدالة الاجتماعية، فأصدر قانون الإصلاح الزراعي في سبتمبر 1952 لتوزيع الأراضي على الفلاحين، وفتح أبواب التعليم بالمجان عام 1962 قائلاً:"إن التعليم حق لكل مواطن، كالماء والهواء".

وفي الصناعة، شيد مصانع الحديد والصلب في حلوان عام 1958، ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي.

ورغم مرور 55 عامًا على رحيله في 28 سبتمبر 1970، لم تتوقف حملات التشويه ضده. يصورونه مستبدًا، ويتجاهلون أنه أول من رفع راية الاستقلال في زمن التبعية، وأول من جعل الفقراء شركاء في الوطن لا أجراء عند الإقطاع. نعم، ارتكب أخطاء، مثل أي قائد في مرحلة حرجة، لكنه كان صادقًا مع شعبه حتى قال:"لقد تحملت المسؤولية لأنني كنت أؤمن أن هذا الشعب يستحق الحياة".

التشويه اليوم ليس إلا محاولة لتقزيم الحلم، لأن مشروعه القومي لا يزال حيًا في وجدان الشعوب، وما زالت صوره في القرى والمصانع شاهدة على عصر أرادوا اغتياله. والحق أن الأوطان لا تنسى قادتها العظام؛ فالتاريخ يكتب بحبر الإنجازات لا بأكاذيب المضللين.

عبدالناصر مرّ من هنا .. مرّ من صفحات التاريخ كقائد حَلم بالحرية لوطنه وأمته، ومات وهو يحلم بالمزيد. وبينما يحاول البعض دفن ذكراه، تظل إنجازاته حاضرة في وجدان الأحرار، تذكرهم أن الكرامة لا تُهدى بل تُنتزع. كما قال هو نفسه:"إن الحرية ليست شيئًا يُعطى، ولكنها شيء يُنتزع".

-------------------------

بقلم : إبراهيم خالد

مقالات اخرى للكاتب

تكريم رواد الإعلام في صالون ماسبيرو بحضور المسلماني وبدر عبدالعاطي