كيان "يخاف ما يختشيش" كلمتين تلخصان مواقف الكيان الصهيوني المحتل، ومواجهته تحتاج إلى قوة في التعامل والرد بمواقف وكلمات واضحة وقوية وبالتهديد في كل مصالحه، ووضعه في حجمه الطبيعي، ولهذا بُح صوت الكثيرين بضرورة الخروج من دائرة التنديد والإدانة في التعامل مع إرهاب هذا الكيان إلى دائرة الفعل والتهديد، لأنها الوسيلة الوحيدة لردعه عن كل الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها حتى اللحظة.
التعامل بالطبطبة يلا نركب المراجيح، ونعدي المرة دي والمرة الثانية والثالثة، بل المئات على مدى 23 شهراً منذ 7 أكتوبر 2023، هو ما أعطى الكيان الصهيوني والمتطرف القاتل بنيامين نتنياهو أضواء خضراء دون قصد في التوسع في جرائمه ضد أهل غزة وتدميرها أكثر وأكثر، وتخطي ذلك بتهديد مباشر وغير مباشر لكل دول المنطقة، للإعلان عن أطماعه في إسرائيل الكبرى، وتهديد دول مثل مصر في ملف الغاز.
وأتصور أن هذا التعامل هو ما أوصل غزة لوضع (مدن أشباح)، وهو وراء وصف حفيد لنيلسون مانديلا حياة الفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي أسوأ من أي شيء عاشه السود في جنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري، ولهذا حث المجتمع الدولي على تقديم العون لهم.
وقال: عدد منا ممن زاروا الأراضي المحتلة في فلسطين لم يعودوا إلا باستنتاج واحد وهو أن الفلسطينيين يعانون من شكل من أشكال الفصل العنصري أسوأ بكثير مما شهدناه نحن، ونؤمن بأن على المجتمع الدولي أن يواصل دعم الفلسطينيين كما وقفوا معنا جنبا إلى جنب، ولن ينتهي ذلك إلا من خلال عقوبات دولية على إسرائيل، وهو ما حدث مع جنوب إفريقيا في سنوات الفصل العنصرين القائم عليها ضد الفلسطينيين.
ملخص كلام حفيد مانديلا، أن التهديد بمصالح الكيان المحتل، وفرض عقوبات عليه هي السبيل لردعه، ووقف هذه الحرب على غزة، ووقف كل التهديدات التي تطلقها الحكومة الصهيونية المتطرفة في تل أبيب.
والشاهد في ذلك أنه وبمجرد صدور تهديد من دولة الإمارات، يوم الأربعاء 3 سبتمبر، من أن أي ضم إسرائيلي في الضفة الغربية سيشكل "خطا أحمر" بالنسبة لها و"سيُقوّض بشدة ما تنطوي عليه الاتفاقيات الإبراهيمية والتي تم تطبيع العلاقات بموجبها بين الإمارات وإسرائيل.
وجاء الرد الإسرائيلي، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر شطب موضوع الضم بالضفة الغربية من جدول أعمال اجتماع حكومي إسرائيلي الخميس 4 سبتمبر، في أعقاب تحذير إماراتي من خطورة الإقدام على هذه الخطوة، وهو ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
ويثبت هذا أن هذا الكيان الصهيوني المحتل، هو كيان يخاف، ولم ولن يرجعه إلا لغة وأفعال القوة، وظهرت سريعاً نتائج تحذيرات مسؤولين إماراتيين لكبار مسؤولي إدارة ترامب من أيّ تحركات إسرائيلية لفرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية من شأنه أن يُدمّر الاتفاقيات الإبراهيمية، وإرسال رسالة لإدارة "ترامب" تقول "لا تسمحوا لإسرائيل بضمّ أجزاء من الضفة الغربية.
وبالرغم من أن التهديد والتحذير الإماراتي لم يشر صراحةً بإلغاء اتفاقية السلام الإماراتية مع إسرائيل، مع عدم استبعاد ذلك، وأن وزير الخارجية الأمريكي "ماركو روبيو" أشار في اجتماعات خاصة إلى أنه لا يُعارض ضم الضفة الغربية، وأن إدارة ترامب لن تُعيق ذلك، رغم كل ذلك فالخوف انتاب الجميع، ولجأوا إلى حلول بديلة، - وفقا لما نقلته وكالات وموقع إخبارية، - باستبعاد أي نقاش حكومي إسرائيلي لملف ضم الضفة الغربية، خشية من أن ذلك سيسهم في انهيار جانب أساسي من إرث ترامب نفسه في السياسة الخارجية.
والتهديد الإماراتي بمصالح إسرائيل في اتفاقيات التطبيع، هو مجرد مثال لرد الفعل المباشر والقوي ليس من إسرائيل فقط بل من أمريكا المؤيدة علناً لكل سياسات وأفعال الحكومة المتطرفة في إسرائيل،.. فماذا سيكون حجم رد الفعل إذا صدر تهديد وتحذير جماعي عربي لهذا الكيان؟... مجرد تمنيات.. ففعلوها..
--------------------------------
بقلم: محمود الحضري