من حق أي مواطن أن يتلقى العلاج داخل المستشفيات الحكومية المجانية مثل مستشفى الجلاء وغيرها، لكن الحقوق لا تنفصل أبدًا عن الواجبات.
ومن أهم الواجبات التي يغفل عنها البعض مسألة توفير الدم، وهو الشريان الذي تقوم عليه حياة آلاف المرضى يوميًا.
تشترط بعض المستشفيات على المرضى أو ذويهم إحضار 3 أكياس دم قبل إجراء أي عملية جراحية أو ولادة مجانية.
قد ينظر البعض لهذا الشرط باعتباره عبئًا إضافيًا، لكنه في الحقيقة نظام إنساني عادل؛ فالمريض الذي يحصل على الخدمة مجانًا، يضمن في المقابل وجود دم متاح لحالات طوارئ أخرى قد تدخل المستشفى في أي لحظة دون سابق إنذار.
الحقيقة أن نقص الدم في المستشفيات يُمثل كارثة تهدد حياة المرضى.
آلاف الحالات يتم استقبالها يوميًا، والطوارئ لا تنتظر. قد يكون هناك مصاب في حادث، أو مريضة نزيف بعد الولادة، أو طفل يحتاج نقل دم عاجل، وهنا لا مجال للتأجيل أو البحث عن متبرعين في اللحظة الأخيرة.
ولأننا جميعًا شركاء في هذا الوطن، فمن الواجب علينا أن نكون أيضًا شركاء في الحفاظ على استمرارية الخدمة.
إحضار 3 متبرعين ليس بالأمر المستحيل، بل هو أمر يسير إذا جرى الترتيب المسبق، خاصة أن التبرع بالدم آمن تمامًا، وله فوائد صحية للمتبرع نفسه.
والأهم أن كل كيس دم يساوي حياة إنسان قد يكون جارًا أو قريبًا أو حتى غريبًا لا نعرفه.
لذلك، فإن الالتزام بهذا الشرط ليس مجرد إجراء إداري، بل هو واجب إنساني يضمن استمرار الخدمة لكل محتاج.
مع العلم، هناك حالات طارئة واستثنائية ذات طبيعة إنسانية قد تتجاوز المستشفى فيها شرط التبرع بالدم، مراعاة لظروف المريض وأسرته، لكن هذه استثناءات محدودة لا يُبنى عليها، وتظل القاعدة الأساسية هي أن التبرع بالدم واجب على كل من يستفيد بالخدمة المجانية.
وقبل أن نرفع صوتنا مطالبين بحقوقنا، علينا أن نتذكر دائمًا أن هناك واجبات لا تقل أهمية، وأن التعاون بين المواطن والمستشفى هو الضمان الوحيد لإنقاذ آلاف الأرواح كل يوم.
--------------------------------
بقلم: أحمد صلاح سلمان