في لحظة يفترض أن تكون للشفاء والرحمة تحولت غرفة استقبال في مستشفى سيد جلال إلى ساحة عنف دامية.
طبيب خرج من بيته ليؤدي رسالته في علاج المرضى فعاد بوجه مشوّه وعاهة مستديمة بعدما اعتدى عليه أحد المترددين على المستشفى بمشرط جراحي في واقعة تهز الضمير وتطرح سؤالًا خطيرا: كيف وصل بنا الحال إلى أن نعتدي على من ينقذ حياتنا؟
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها لكنها كافية لتدق ناقوس الخطر.
تقارير نقابية سابقة أشارت إلى تسجيل عشرات حالات الاعتداء على الأطقم الطبية في مصر خلال السنوات الأخيرة بعضها وصل إلى إصابات خطيرة.. واخرها في مستشفى البدرشين اعتداء عنيف على ممرضة أدى إلى اجهاض حملها..
وأخرى أدت إلى إضرابات مؤقتة في بعض المستشفيات احتجاجا على غياب الحماية الأمنية.
هذه الأرقام تكشف أن بيئة العمل الطبي في حاجة عاجلة لمزيد من التأمين والحماية القانونية حتى يتمكن الأطباء من أداء دورهم دون رعب أو تهديد.
وللتوضيح إذا قصّر أي طبيب في عمله أو أخطأ بحق مريض، فهناك طرق قانونية واضحة وحاسمة لمحاسبته وهذه الطرق لا ترحمه عند تجاوزه أو ثبوت الخطأ في حق المرضى.
هناك لجان تحقيق ونقابات مهنية ومسارات قضائية صارمة تكفل حقوق المرضى كاملة.
لكن أخذ الحق باليد وتحويل مشرط جراحي من أداة إنقاذ إلى أداة اعتداء جريمة مضاعفة لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف.
إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب ثلاثة مسارات متوازية:
1. تشديد العقوبات على كل من يعتدي على الأطباء أو أي فرد من الفرق الطبية أو يعطل العمل داخل المستشفيات.
2. تأمين المستشفيات بشكل دائم وتواجد عناصر أمن مدربة للتعامل مع حالات الغضب أو التوتر بين ذوي المرضى.
3. نشر الوعي الصحي بين المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم وأن الطبيب ليس خصما لهم بل شريك في رحلة العلاج.
في نهاية المطاف: حماية الطبيب هي حماية للمريض وهي حماية لكل بيت في مصر.
وإذا لم نتوقف فورا عن ثقافة العنف فسيأتي اليوم الذي نخسر فيه ثقة الأطباء في بيئة عملهم وهي خسارة لا يمكن تعويضها.
فلنتفق جميعا أن منقذينا لا يُعاقبون بالمشارط بل يُدعمون بالقانون والاحترام.
-----------------------------------
بقلم: أحمد صلاح سلمان