23 - 08 - 2025

مؤشرات | القاتل المُحتل والسمسار وسياسة الكذب

مؤشرات | القاتل المُحتل والسمسار وسياسة الكذب

"إن الأسرى الإسرائيليين سيكونون في أمان أكثر إذا دخل الجيش الإسرائيلي إلى غزة"، تلك كلمات نطق بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهل هناك بجاحة أكثر من ذلك، تكشف عن موقف رئيس بدرجة سمسار عقارات وبائع دم لمصاصي الدماء في الكيان المحتل.

بل الوضع أكثر سوءاً، مع استكمال تصريحات هذا الترامب الحالم بقلب "نوبل"، وتلك التصريحات التي تكشف عن انحياز مفضوح للعدو الصهيوني، بقوله "نجحت في إعادة عدد من الأسرى في غزة بفضل عملي مع نتنياهو"، ويقلل من مخاوف خطة رئيس الوزراء لحكومة إسرائيل المتطرفة من احتلال غزة بقوله " إن قلة من عائلات الأسرى هم من يرفضون خطة احتلال غزة ".

وهذا الموقف الأمريكي المنحاز لسياسات الكيان المحتل يأتي فيما أعلنت الأمم المتحدة عن وجود مجاعة رسميا في غزة، وفقا لما جاء في تقرير مرصد الجوع العالمي بتفشي الجوع في مدينة غزة، ووفقا لما قاله ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية "ريك بيبركورن" عن وجود مجاعة رسمية في قطاع غزة، وأن نصف مليون شخص يعيشون ظروفا كارثية قد تؤدي إلى الوفاة، موضحا أن الوضع في القطاع يتدهور بسرعة تحت الحصار، كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

قد يكون الإعلان رسمياً عن مجاعة في غزة قد جاء متأخراً، إلا أنه يؤكد على أهمية التحرك الدولي لمواجهة المعوقات التي تقوم بها إسرائيل لمنع دخول المساعدات لسكان غزة.

منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، "توم فليتشر" اتهم الكيان المحتل في أزمة المجاعة في غزة، وقال في تصريحات "إن المجاعة كان يمكن منعها لولا العرقلة الممنهجة لإدخال المساعدات من جانب إسرائيل، والأغذية تتكدس على الحدود بسبب القيود، ودعونا ندخل الغذاء والإمدادات دون عوائق وعلى النطاق المطلوب، وضعوا حدًا للانتقام"، فالوفيات الناجمة عن الجوع قد ترقى إلى جريمة حرب تتمثل في القتل العمد، مطالبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسماح بدخول واسع للإمدادات.

وبينما يظل الوضع أكثر سوءً يأتي بنيامين نتنياهو لينفي ما جاء في تقرير الأمم المتحدة بإعلان المجاعة رسميا في غزة، بقوله إنه "كذب مطلق"، بل أظهر رئيس حكومة الاحتلال كذبه، مدعيا أن إسرائيل ليست لديها سياسة تجويع، بل لديها سياسة منع التجويع، ويكذب أكثر بقوله، "إن المساعدات بقيت تدخل القطاع المحاصر خلال الحرب".!

وعلامة الكذب الأخرى تحت سمع وبصر العالم، موافقة اجتماع "الكابنيت الحربي والسياسي" للكيان المحتل، على خطط جيش الاحتلال لعملية "عربات جدعون 2"، والتي تستهدف تنفيذ عملية واسعة النطاق للسيطرة على مدينة غزة، بل تم تحديد بداية تلك العملية العسكرية منتصف سبتمبر، والمتوقع أن تشمل مناورة برية واسعة النطاق، وإجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير المدينة تحت حجج أمنية.

بل وصل الأمر إلى توصيف وزير الحرب الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، للعملية المتوقعة بقوله "قريبًا ستُفتح أبواب الجحيم"، فقد وافقنا على بدء إجلاء نحو 850 ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى الجنوب، عبر ممرات يجري إعدادها.

وتواصل قوات الاحتلال شن مئات الغارات والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار.

ولن تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية بتدمير طائرات الاحتلال الإسرائيلي مناطق سكنية كاملة في قطاع غزة، وهي السياسة التي ينتهجها الاحتلال في عدوانه المستمر على قطاع غزة.

خلاصة القول عن الوضع الراهن في غزة، عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرييش، بقوله "إن المجاعة المنتشرة في قطاع غزة من صنع الإنسان، ولا يمكن استمرار هذا الوضع دون عقاب"، ولكن يبقى السؤال كيف يتم العقاب مع هذا الدعم من الرئيس الأمريكي للكيان المحتل ليس في التجويع فقط، بل في احتلال كامل للأراضي الفلسطينية.
--------------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | القاتل المُحتل والسمسار وسياسة الكذب