عام وبضعة أسابيع هو ما يتبقي للإحتفال بمئوية السينما المصرية؛ ففي اليوم السادس عشر من شهر نوفمبر من العام 1927 ـ أي منذ قرن كامل من الزمان ـ انطلق العرض الأول من فيلم "ليلى" الروائي الصامت الطويل بمغامرة رائعة من رائدة السينما المصرية السيدة عزيزة أمير، ويذكر أن رواد السينما المصرية قد احتفلوا بمناسبة حلول العيد الذهبي للسينما المصرية الذي حل في شهر نوفمبر من العام 1977، فماذا نحن فاعلون لتخليد عرس السينما المصرية بعد نحو 14 شهرا من الآن، هل الخبر مهم للوزارات والهيئات وعشاق السينما المصرية؟!
بالطبع وهو أمر جاد جدا ينبغي الاستعداد له على قدم وساق..
المناسبة سوف تتزامن مع حلول أكبر مهرجانين للسينما المصرية هما: القاهرة السينمائي الدولي والإسكندرية لسينما البحر المتوسط؛ فهل لديهما الخطط المناسبة لهذا الحدث الكبير بعد نحو عام من الإحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والمناسبتان تؤكدان على الريادة المصرية في أرفع فنونها سواء في ضخامة الإنتاج او قدمه.
ولا يختلف إثنان حول أهمية تسجيل تاريخ السينما المصرية، وأن تعكف من الآن لجان سينمائية من كبار النقاد والسينمائيين ومراكز السينما الأكاديمية وكافة المتخصصين، ليقدموا لنا مجموعة منتقاة من الدراسات والمطبوعات التي تخلد الحدث، وتكشف لجمهور السينما المصرية: كيف بدأت السينما المصرية، ومن هم أصحاب الفضل الذين حملوا الراية وأنفقوا المال والجهد وعبقرية التجويد والتجديد والابتكار، والمراحل التي مرت بها السينما المصرية وروادها من المصريين والأجانب الذين ساعدوا على انتشارها، والمحن التي عانت منها والصعاب التي واجهتها، حتى نستفيد من الدروس في وضع خطط مستقبلية لإزالة المعوقات التي تواجه الصناعة وجذب الأفلام العالمية وتقديم الخدمات اللوجستية التي تليق ببلد تفوقت في هذا الفن وحصدت جوائز عالمية وأنطقت الشعوب الشقيقة باللهجة المصرية وحققت لنا الريادة من أوسع أبوابها.
من حسن الحظ أن لدينا متخصصون وهواة جمعوا على مدار العمر وثائق ومطبوعات من كتيبات عظيمة الفائدة، بعضها على يد مشتغلين بالفن السابع والبعض الآخر ممن يتكسبون من التراث السينمائي المصري وبعضهم أجانب، مطلوب البحث الجاد عن وثائق جديدة (قديمة في زمانها)، على أن تقوم وزارة الثقافة بدورها وتصدر طبعات شعبية من هذه الوثائق والدراسات لتكون بين أيدي محبي الفن السابع، وأن تقام المعارض الفنية للصور والأفيشات والمجلات النادرة وأن يكون العام 2027 بأكمله هو عام السينما المصرية ليس في القاهرة فقط وإنما في القرى والنجوع، ومراكز مصر في الخارج، من حق مصر أن تزهو بهذه الريادة وهذا التفوق وألا يأتي الاحتفال بالمناسبة باهتا " تأدية واجب"، بل ينبغي أن يشعر كل من وصله الفيلم المصري وتأثر به أن يتعرف على رواده الذين تحملوا مشقة البدايات، ورحل معظمهم بعد معاناة وقصص نتأسى لها، انتهزوا فرصة أنه لا يزال بعض الرواد والكتاب على قيد الحياة ـ متعهم الله بالصحة والعافية وطول العمرـ ووثقوا ذكرياتهم خاصة في القاهرة والإسكندرية، اجمعوا ما تبقى من تراث، انشئوا متحفا للسينما المصرية طال انتظاره، استرجعوا عرض روائع السينما على الجدران في القرى والنجوع، الفن يحمي من التطرف ويرهف المشاعر في وقت أصبح فيه العنف لغة للحوار..
أتمنى لو اهتمت وزارة الثقافة ووزيرها النشط أحمد هنو بالحدث وطمأن عشاق الشاشة الفضية بأنهم يتذكرون المناسبة الفريدة التي تأتي مرة واحدة وهي مئوية السينما المصرية وليتنا نستمع إلى صوته يقول : "نحن جاهزون وعلى قدر الحدث"..
-------------------------------
بقلم: طاهـر البـهي