21 - 08 - 2025

رشقة أفكار | إخوان كاذبون .. وآخرون أيضا!

رشقة أفكار | إخوان كاذبون .. وآخرون أيضا!

قبل أن تقرأوا:

إخوان كاذبون "ونحن أيضا" .. فكرت أن يكون هذا هو العنوان .. ثم عدلت عنه . وكتبت النصف الثاني  الذي قرأتموه وهو  : "وآخرون أيضا" ! سألت نفسي : مالذي فعلته  لأنضم انا - بكل فجاجتي في صراحتي ومصارحتي وانتقاداتي - إلى هذه الزمرة الكاذبة.. لماذا أشمل نفسي بالاتهام  بالكذب وانا بالقطع بريء منه تماما .  

الاخوان كاذبون ..نعرف هذا ونثق في صحته ..لسنا بحاجة في كل سطر نكتبه إلى تعداد اكاذيبهم؟!  وذكر ما وعدوا به ثم نكثوا بوعودهم؟! لكن في واقع الأمر ليسوا وحدهم .. فالسلفيون والتبليغيون والجهاديون ليسوا أكثر صدقا  .. والجماعات المنتمية لديانات اخري أو عقائد .. سواء كانوا من المتطرفين الأقباط أو يهودا أو حتى من السيخ أو الهندوس لايختلفون عن هؤلاء جميعا في شيء.

الذين يطلبون السلطة من خلال ربط دعاواهم الدينية بمطالبهم السياسية كاذبون. الكذب آفة الحكام والمجتمعات. ومقتل الشعوب أيضا. كان غريباً جدا أن تسمح إحدي الجامعات المصرية بإجراء دراسة عن الكذب في حياة  المصريين.. تفاجأت قبل سنوات بصحيفة السياسة الكويتية وهي تنشر نتائج  هذه الدراسة  - وهي جامعية علمية تقريبا -  وخلاصتها أن أكثر من خمسين بالمائة من المصريين كذابون!

هل يمكن لأحد ممن يعشقون السادات أن يزعم أن هذه الوصمة كان لها وجود  في تاريخ المصريين قبل سنوات الانفشاخ- الاجتماعي والاقتصادي (زمن انور السادات)؟! لا نقطع يقينا برأي.. لكن الناس كانوا أنظف قلوبا مما هم عليه الآن بكثير.. لم يكن هناك خلاف على صفات الشهامة والمروءة وعلاقات الجيرة الوثيقة.. والنبل الذي يحكم علاقات الناس . والكرم الذي يحيط حياتهم ويفرض نفسه على سلوكهم. أظن أن هذا كله لايتسق مع الكذب.. الكذب قرين الخسة والوضاعة والقسوة والوحشية واللصوصية وأكل الحقوق بالباطل. وممارسة الخداع في كل العلاقات والتعاملات.

هل ما سبق مجرد أفكار عاطفية ؟! ربما.. فلا أظن أنه يمكن إقامة الأدلة عليها. في غيبة الرسائل العلمية الرصينة.. ومراكز الأبحاث الموثوقة ذات المصداقية .. كتلك التي كانت عندنا في السابق ثم تخلصنا - في الحقيقة تخلصوا هم  - من صداعها؟!

كثير من الأشياء تعوزها الدراسة والدقة.. حتى ماكان يمثل تحديا للأمن القومي المصري!!  هل تخفى علىّ كثير من الأمور ؟! ربما ..  لكن حتى هذه أيضا  لا أستطيع أن أدين نفسي فيها.. فحتي اليوم لازلنا كصحفيين - وفي القلب منا نقابتنا العريقة ومجلسها الذي يطالب بحريات أوسع  - نطالب بإقرار قانون حق تداول المعلومات.. هذه قضية شديدة الأهمية.. ورغم أنه بح صوتنا في هذه الموضوعات. لكن أحدا في هذه الدولة لم يهتم .. كما لو أن القضية التي نتحدث عنها وندرك مخاطرها هي بالنسبة للدولة والمسؤولين مجرد فنكوش؟!هل يستخدمونها لكي تبقى جذوة القضية مشتعلة. فيتم تمرير ما يراد تمريره؟! هل تبدو نظرية "بص شوف العصفورة" التي يفسر بها الناس كثيرا من الأمور صحيحة. . ولم تعد هذه الأمور تخيل على الشعب ؟!

مثقفون ووطنيون مثلنا كثيرا ما يرصدون أن الدولة لا تفعل شيئاً في ملف الإخوان .. بل إنها تتعمد إغراق الناس في دوامات من الدلالات.. الكاذبة والصحيحة. ليختلط عليهم الأمر ...

تقرر مؤخرا إسناد منصب رئيس الهيئة الوطنية للاعلام إلى الزميل أحمد المسلماني.. وهو صحفي بالأهرام (ربما سابقا ولكنه مايزال محتفظا بانتمائه للمهنة) وكان مستشارا  للرئيس الأسبق عدلي منصور.. ثم غاب كل هذه السنوات ليعود إلينا من أوسع الأبواب .. رغم أن هناك تصريحات إعلامية " سابقة " "تبين أنه متعاطف مع الإخوان والحقيقة أنني وأي صحفي مصري آخر لو صدر عنا هذا الكلام لشرفنا في غياهب السجون سنوات طويلة! فماهي القاعدة الحاكمة إن لم ينف أقواله .. فايماني اليقيني هو أنه لايجوز معاقبة الصحفيين في قضايا  الرأي .. خصوصاً بالحبس .. فأنا ضد حبس الصحفي  مطلقا في قضية رأي.

لكني أبحث عن معيار.. والحقيقة أن أزمة معايير تحكم مصر .. فعندما تولى المسلماني أمر الإعلام .. فإنه اتخذ قرارا مهما بإعادة الزميل اللامع  والصديق العزيز محمود سعد الى شاشة التليفزيون المصرى.. مع أن محمود سعد في مواجهة عاصفة مع الكاتب الراحل وحيد حامد قال إنه كان يؤيد محمد مرسي في الانتخابات ضد أحمد شفيق!

لا أرفض عودة محمود سعد ليتحدث إلى الخلق من "باب الخلق" .. بالعكس فأنا زاملته في مجلة صباح الخير .. وأقدره وأحبه .. واعرف أن له جمهوره الكبير .. وهو مكسب كبير .. أفضل من كثير غيره.. خصوصا أنه لم يطبع ولم يتحدث أبدا عن ديمقراطية الكيان الصهيوني المزعومة.. ولا السلام المزعوم مع العدو. . السلام المخضب بالدم .

كما أنني أحيي في الزميل المسلماني قدرته على الاهتمام بتفاصيل بعض الأمور المهمة.. لإصلاح بعض الاستديوهات وتسميتها بأسماء رموز مصرية مسألة مهمة .. وكذلك محاولات حل مشكلات العاملين في ماسبيرو ومستحقاتهم .. والتحقيق مع بعض القيادات الموصومة بالفساد .

(خارج سياق تساؤلاتي عن الإخوان الكاذبين وما إذا كان احمد المسلماني ومحمود سعد قد تراجعا عن أقوالهما في هذا الشأن ..  أود أن أسأل زميلنا المسلماني وهو مسؤول عن الهيئة الوطنية للاعلام: هل نقل أحد من المسؤولين عن الصحافة والاعلام الذين التقاهم الرئيس مؤخرا  أن أحوال الصحفيين المصريين صعبة جدا .. وبعضها بائسة ومنهم من يعيشون على قيمة بدل التكنولوجيا.. وانهم كانوا يتطلعون إلى زيادة بدل التكنولوجيا بمبلغ أكبر من الـ ٦٠٠ ج)؟!

هذا الجزء التمهيدي عن الإخوان هو مقدمة لجزء آخر أكثر أهمية .. ويتعلق بماذا تفعل الدولة نفسها لكي تواجه الإخوان ؟

اذا كان الاعتماد على الأمن هو الحل .. فسنظل ندور في نفس الدائرة المفرغة . وسنجد أنفسنا أمام وقائع مريبة: يظهر اخوان كاذبون مدعون يسمح لهم نتنياهو وزمرته بالتظاهر أمام سفارتنا هناك.. وسنجد أيضا بلدا مثل هولندا تسمح للإخوان الكاذبين بالتظاهر ضدنا وأمام سفارتنا في أمستردام .. بحجة أننا نغلق المعبر المصري أمام المساعدات.. وهي الفرية التي تفنن الكاذبون في ترويجها .. حتى وجدت من المهاطيل والمخابيل من يصدقونها !

-بعد أن قرأتم :

غياب المعايير أيها السادة .. يفتح الباب أمام كل هؤلاء  المخبولين ..وكل هذا الجنون!

للحديث بقية.
----------------------------------
بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | إخوان كاذبون .. وآخرون أيضا!