23 - 08 - 2025

من التعارف إلى التناغم... حوار الثقافات بين الصين والعالم العربي

من التعارف إلى التناغم... حوار الثقافات بين الصين والعالم العربي

بقلم / مو يي

يعود تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية إلى أقدم العصور، إذ ربط طريق الحريرالبري والبحري بين الجانبين منذ أكثر من ألفي عام، وعلى مدار هذا التاريخ، كانالتسامح والتعايش، والتعلم من بعضهما البعض، هو دائما الموضوع الرئيسي للتبادلاتالثقافية بينهما.

أنتجت قناة CGTN العربية الصينية برنامجا ثقافيا مكونا من 4 حلقات بعنوان ((منالتعارف إلى التناغم))، لتقديم منظور فريد وحقيقي وشخصي لقصص الشخصياتالمعاصرة الذين يسعون إلى تعزيز التواصل الحضاري ومد جسور التفاهم بين الصينوالدول العربية.

منذ ألف عام، نقلت قوافل التجار العرب اللبان والبخورّ إلى الصين، ليصبح البخورشاهداً حيا على التبادل الثقافي بين الجانبين. أما بطل الحلقة الأولى فهو ((وو شيوهفنغ))، الباحث في ثقافة البخور، فتحت له دفعة من خشب العود أهداها له صديق عربيباب عالم التراث العطري، ولتعزيز بحث وتبادل البخور الصينية والعربية، أسس وو عام2014 مع مجموعة من الخبراء والهواة، مركز أبحاث ثقافة البخور والعطور الصينية الذييتوافد إليه الزوار للإطلاع على المعرض والاستمتاع بالتنوع الثقافي.

أما الخط العربي فهو واحد من أهم الفنون في الحضارة الإسلامية، وعلى مر الزمانتنوعت الخطوط من حيث الشكل والقواعد، ومن أشهرها النسخ والكوفي والثلث، إلا أنفي الصين البعيدة تطور أسلوب خط مميز مع انتشار الإسلام والكتاتيب… يحتفظ((الخط العربي الصيني)) بأساليب تنفيذ الخط الصيني الأصلي من حيث حركة اليدوالأدوات المستخدمة مع تطبيق قواعد الخط العربي التقليدي لينتج شكلا فنيا فريدا مننوعه. في السنوات الأخيرة، تجول الخطاط الصيني الشاب ((وانغ تشي في)) بينالأماكن التراثية الإسلامية في كل أنحاء البلاد، عازما على حماية أسمى تجليات حكمةأسلاف المسلمين الصينيين.

كثيرا ما يساءل السياح العرب الراغبين في زيارة الصين: "هل تتوفر في الصين الأطعمةالحلال؟". توفر الصين أطباقا غنية ومتنوعة من المأكولات الحلال، ويوجد فيها عدد كبيرمن الطهاة المهرة المتخصصون، ومن أبرزهم الشيخ ((شيه زينغ تاي)) الذي يتقن إعدادمئات الأصناف من الأطباق. تعود مهارات عائلة شيه إلى مطبخ القصر الإمبراطوريالحلال قبل نحو 600 عام، وما زالت تنتقل عبر الأجيال حتى وصلت إلى الجيل الثانيوالعشرين.

((تشاو تشوه تشون))، عازفة العود المحترفة الوحيدة في دول شرق آسيا، وأول من ألقىمحاضرة عن الموسيقى العربية في الصين. ارتبطت تشاو بموسيقى العود من خلالبحثها الأكاديمي في آلات الوتر الشرقية، ونقلت شغفها عبر منصات التواصلالاجتماعي إلى آلاف المشاهدين الصينيين من خلال عزف مقطوعات إبداعية تجمع بينالعود والآلة الموسيقية الصينية التقليدية.

اليوم، تلاشت أجراس الجمال على طريق الحرير منذ فترة طويلة في التاريخ، ولكن وتيرةالتبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية لم تتوقف أبدا، يساهم هذا التفاعل الحيويفي إثراء تنوع الحضارة العالمية وتقدمها، وهو ليس مجرد مفتاح لمواجهة التحدياتالعالمية الراهنة فحسب، بل يمثل أيضا زخما جديدا لبناء نظام دولي أكثر انسجاما.