أتاحت ظروفي أن أقترب وأتعرف علي عدد من رجال الأعمال، وكان أغلبهم ممن أطلق عليهم رجال " الأموال " .

وأثناء جلسة راحة بعد اجتماعات مرهقة، كان اثنان من رجال "الأموال" يتبادلان الحديث حول أنشطتهما في مصر، وامتد بهما الحديث واشتط وشط فيما هو صالح وطالح ، وأنا بينهما مشدوهاً بالأرقام التي أسمعها ، ويبدو أنهما لم يستشعرا حرجاً من وجودي لدرجة أنهما كانا يتبادلان ما يعد جرائم، ففيما يبدو أنهما أعتبراني من ضمن النادي member of the club، ولذا لم يتحوطا .

وخلال لحظات صمت توقفا فيها عن الكلام ، خرجت مني عبارة أدهشتني فيما بعد بأكثر مما صدمتهما ، فقد سألت بصوت محايد: "هل تقومان بدفع زكاة المال سنوياً؟ ، وفي البداية ظنا أنني أهزل أو القي عليهما نكتة، حتي تبين لهما جديتي، فسألني أحدهما بضيق ممزوج بالسخرية: "سعادة السفير شيوعي؟" ، وضحكا بهستيرية، ثم جلسا ينصتان بغير تعليق، وأنا أحكي لهما عن أمير مصر عمر بن عبد العزيز الذي لم يجد محتاجاً يستحق مساعدة من بيت المال، نتيجة أن المجتمع كان ملتزما بالفروض المالية الإسلامية .. قلت لهما في الختام أنه لو التزم كل رجال الأموال يإخراج الزكاة سنوياً ، لا أظن أن مصرياً سيبيت محتاجاً ...

توقفا عن الحديث معي باقي الوقت ، وإلي أن ودعتهما إلي المطار ..

تذكرت ذلك اليوم في مراجعاتي ، واندهشت لما قلته ، ولكنني فكرت طويلا في رد أحدهما متسائلا عما إذا كنت شيوعياً ، في محاولة لإيجاد تفسير في كتاب ماركس " رأس المال " ، يربط بين الزكاة والشيوعية ..
----------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
مساعد وزير الخارجية الأسبق