18 - 08 - 2025

التعرض للسفارات المصرية

التعرض للسفارات المصرية

طوال الأيام الماضية أمسك نفسي عن التعليق علي هذا الغثاء ..

ولكنني وجدت أن الأمر استطال وبدأ ينزلق إلي ما هو أسوأ بتسخين من كل اتجاه ، قد يصل إلي حد اقتحام بعثات وأخذ أعضائها رهائن ..

أولاً : وبلا أي تردد ، لا يجوز قطعاً التعرض للبعثات الدبلوماسية ، التي تؤدي واجباتها دون النظر للصراعات المحيطة ، بل إنها تواصل دورها حتي في حالة الحرب بين البلد الموفدة ، والبلد المستقبلة ، طالما لم تقطع العلاقات الدبلوماسية .

ثانياً : وبالقطع لا يجوز بأي حال من الأحوال التعرض للبعثات المصرية التي تقوم بمهام صعبة في هذه الظروف ، وليس من اللائق التشويش عليها .

ثالثاً: حتي في حالة الإعتراض علي سياسات السلطة الحالية ، فقصاري ما يمكن للمعارض في الخارج أن يقوم به هو أن ينظم تجمعاً وفقاً للقانون ، يعرض مطالبه بشكل حضاري بما في ذلك تقديم وثيقة تحمل مطالبهم إلي السفارة .

رابعاً : من المناسب أن تخصص السفارة أحد الدبلوماسيين ، أو السفير نفسه إذا كان ذلك ممكناً ، لإجراء حوار أو جلسة استماع مع مندوب يسمح بدخوله بعد تأمينه ، وذلك لإمتصاص أي مسيرات غاضبة .

خامساً : مع التسليم بالحصانة القانونية لمبني  البعثة ، إلا أن هذه الحصانة ليست مطلقة ، وهي تخضع بلا شك للتقييم الدستوري والقانوني لنطاق هذه الحصانة . وفي أغلب الحالات القانونية تسقط الحصانة في حالة التلبس بإرتكاب جريمة وفقاً لقانون الدولة المستقبلة .

سادسا: أرحو ألا يكون صحيحاً خبر قيام أمن السفارة ، بالسيطرة علي أفراد في الشارع واقتيادهم إلي داخل السفارة ، لأن ذلك فعل مؤثم ولا تحميه الحصانة الشخصية أو حصانة المنشآت، ويمكن أن تعرض البعثة لمشاكل مع الدولة المضيفة لا محل لعرضها الآن .

سابعاً: لا يبدو واضحاً الصلة بين العدوان الوحشي الصهيوني علي غزة ، وبين تلك الأعمال التعرضية ضد السفارات المصرية ، بل أن ذلك يسئ لنضال الشعب الفلسطيني ، من حيث أهمية معركة الصورة التي تكسبها المقاومة كل يوم ، أو من حيث التعاطف الشعبي المصري التلقائي ، خاصة وأن هناك أصابع مشوهة كثيرة سوف تمتد لتمزيق أواصر العلاقات المصرية الفلسطينية المتميزة .

ثامناً: من المهم أن يتروي " الإعلام " في إسباغ الصفات ، وصب مزيد من الزيت علي النار المشتعلة ، فلا يجوز استخدام ألفاظ تصف تصرفات بعض المتهورين أنها "ذكورة" ، (وصف الدكر) ، وتشريس جزء من المصريين في الخارج علي جزء آخر ، فذلك غير أخلاقي وغير قانوني وغير إعلامي .

وربما يكون من المناسب أن تصدر وزارة الخارجية نداء إلي الجاليات المصرية في الخارج ، تلفت فيه النظر إلي دقة وحساسية المرحلة التي تمر بها المنطقة ، والمخاطر التي تتهدد مصر في الوقت الحالي ، وأهمية أن تتضافر جهود كل المصريين في الخارج للمساهمة في بناء جدار صد يحمي المجتمع المصري ، مع استعداد البعثات للأستماع لكل الإقتراحات البناءة ، من أبنائنا الذين يساهمون مساهمة كبيرة في الدخل القومي المصري .
--------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
مساعد وزير الخارجية الأسبق


مقالات اخرى للكاتب

التعرض للسفارات المصرية