فى بداية المسيحية وعلى أرضية التفسير الحرفى للنص الدينى، تم الربط الحرفى أيضا بين التوراة والإنجيل فكانت المحصله النهائية لذلك الربط عام ١٤٥٥م عندما تم طباعة الكتابين معا . مما أعطى مصداقية لكل التفسيرات الحرفية التى اعتمدت على نصوص التوراة فى النبوءات التى تنبأت بمجئ السيد المسيح. فهل كل ما جاء بالتوراة وبشكل عام ملزم عقيديا للمسيحى؟ لاشك أن التوراة كانت كتابا مقدسا لليهود الذين جاء لهم السيد المسيح لبشارتهم ولكنهم رفضوا الإيمان به . المسيحيون بالطبع يقبلون النبوءات التى تؤكد صحة عقيدتهم المسبحية التى أعلنت عنها التوراة بمجئ المسيح الذى لازال ينتظرونه. كما أن النصوص التى تتعامل مع عقيدة الإله الواحد التى لاتتناقص مع المسيحية ولا مع نصوص الانجيل يتم التعامل معها أيضا . ولكن هل النصوص التوراتية التى كانت تخص اليهود تحديدا والتى ترتبط بالزمان والمكان وترتبط أيضا بعهود ومواثيق بين الله وبين اليهود، هل يمكن أن تكون ملزمة للمسيحيين عقيديا؟ ام أنها نصوص تدخل فى الإطار التاريخى مثل النصوص التاريخية والعسكرية والاجتماعية والتى تتحدث عن العادات والتقاليد اليهودية وحتى الممارسات الدينية، لم تعد ملزمة للمسيحى لأنها تخص اليهود زمانا ومكانا وقصدا. فهناك نصوص فى التوراة تتحدث عن وعد الله لابراهيم بأنهم هم شعب الله المختار، وأن أرض فلسطين هى أرض الميعاد التى وعد بها الله ابراهيم. هل يتم التعامل مع هذا النص التاريخى الذى أسقط بعد مجئ المسيح (الذى لم يؤمنوا له ) نصا ملزما حتى الآن؟ نعم هو نص ايمانى لليهود لا زالوا ينتظرون تحقيقه. ولكن هذا النص بالنسبة للمسيحى هو نص تاريخى يوضع فى إطاره التاريخي والدينى أيضا. فإطاره التاريخى والدينى هو أن هذا العهد قد تم وعد ابراهيم به على أساس وشرط أن يقبل اليهود رسل وانبياء الله إليهم. فهل التزم اليهود بهذا العهد وذلك الشرط؟ أنهم وحتى الآن هم خارج الالتزام فهم لم يقبلوا الرسل والأنبياء. هنا فنصوص التوراة ذاتها تؤكد طبيعة هذا الشعب اليهودى !!! تقول التوراة ( شعبى غليظ الرقبة . الحمار يعرف قانيه وشعبى لم يعرفنى) !!!
يقول السيد المسيح ( جئت إلى خاصتى وخاصتى لم تقبلنى) . أما التصور الكاذب بأنهم هم شعب الله المختار وأن أرض الوعد هى أرضهم، فهذه القضية قد وضعها السيد المسيح فى حجمها وبشكل واضح لا لبس فيه . فماذا قال (اورشليم يا أورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين إليها . كم من مرة أردت أن أجمع بنيكِ مثل ما تجمع الفراخ أولادها وأنت لم تريدى . فليترك بيتكم خرابا) وقد تحقق كلام السيد المسيح حرفيا عام ٧٠ ميلادية عندما تم هدم الهيكل وتم شتاتهم فى العالم كله. فهذه النبوة كانت الفيصل فى تحديد الأمور العقيدية فى هذه القضية للمسيحى. وهذه الأمور تعنى أن هذا الوعد لليهود كان مشروطا بقبولهم للرسل والأنبياء، وهم رفضوا الرسل وهم قاتلو الانبياء وهم راجمو المرسلين اليهم. هنا إذا كان العقد شريعة المتعاقدين، فاليهود أخلوا بشروط العقد مع الله . هنا من الطبيعى ألا يصبحوا شعبا مختارا لله ولا أصبح هناك وعدا بأى أرض لهم. نعم هم من الطبيعى أن يظلوا مؤمنين بتلك الوعود انتظارا المسيح القادم الذى سيؤمنون به حتى يتحقق لهم الوعد. فهل يمكن للمسيحى الذى أمن بالمسيح الذى جاء أن يكون اليهود هم شعب الله المختار ؟ هنا وما هو موقع المؤمنين بالله الواحد الذين آمنوا برسله وانبيائه؟ هل يكون اليهود هم الشعب المختار وهم لا زالوا يرفضون ويسقطون عهدهم مع الله دون غيرهم من المؤمنين بالله الواحد ؟
هنا، ألم نتأكد من أن نصوص التوراة ليست ملزمة في غير تلك النصوص التى لا تتناقض مع جوهر العقيدة المسيحية . وهل يمكن أن يتعامل المسيحى مع نصوص الاختيار والوعد هذه لليهودى على أنها لا زالت وعودا واختيارا ينتظر التنفيذ؟ هنا قد تم الاختراق السياسى بجانب الدينى عندما يتم التعامل مع قضية أو عقيدة الحكم الألفى . ماهى عقيدة الحكم الألفى هذه ؟ كيف تم ذلك ؟ سنرى أن شاء الله.
------------------------------
بقلم: جمال أسعد