لم يظهر مروان البرغوثي، القائد الفلسطيني الشعبي الذي يقبع في السجن منذ سنوات طويلة، علنًا منذ سنوات، لكنه ظهر هذا الأسبوع في مقطع فيديو خلال تفاعل غير معتاد مع وزير يميني متطرف في الحكومة الإسرائيلية.
فقد نشر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير مقطع فيديو يُظهره وهو يواجه البرغوثي داخل زنزانته بلغة تهديدية خلال زيارة لم يُقدَّم أي تفسير رسمي لها. وقال بن غفير للبرغوثي، الذي بدا هزيلًا ومنهكًا: "لن تنتصر. من يعبث مع شعب إسرائيل، من يقتل أطفالنا، من يقتل نساءنا، سنمحيه من الوجود".
يقضي البرغوثي خمسَ مؤبّدات بعد أن أدانته إسرائيل بارتكاب جرائم قتل والانتماء إلى منظمة إرهابية قبل أكثر من عقدين. وزعمت النيابة الإسرائيلية أنه قاد خلايا مسلحة لتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أوائل الألفينات. وقد رفض البرغوثي الاعتراف بالمحكمة، معتبرًا إياها غير شرعية.
ويُنظر إلى البرغوثي، الذي كان مستشارًا للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، على نطاق واسع في أوساط الفلسطينيين باعتباره أسيرًا سياسيًا، ويقارنه البعض بنيلسون مانديلا، وهو القائد الفلسطيني الوحيد الذي يحظى بتأييد واسع في كل من غزة والضفة الغربية، حيث تنتشر صوره واسمه على الجدران في المناطق المحتلة.
ويبدو أن خطوة بن غفير بمواجهة البرغوثي ونشر الفيديو تهدف إلى إرسال رسالة سياسية، وتمثل أحدث تصعيد مثير للجدل من قِبل وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو.
ويُظهر الفيديو البرغوثي وهو يومئ برأسه أثناء تهديد بن غفير له، لكن المقطع البالغ 13 ثانية قُطع قبل أن يتسنى له الرد أو قول شيء يُذكر. لم يصدر أي تعليق من مصلحة السجون الإسرائيلية أو مكتب بن غفير بشأن سبب الزيارة أو معاملة البرغوثي.
وتؤكد إسرائيل أنها تُعامل المعتقلين وفقًا للقانون الدولي، وأنها تحظر تعريضهم للعنف. من جهتهم، اعتبر ممثلو الأسرى الفلسطينيين أن تصريحات بن غفير تشكّل تهديدًا يُفاقم المخاوف بشأن مصير البرغوثي.
وقالت البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة إن بن غفير استخدم «لغة مسيئة وخطابًا عنصريًا فاشيًا»، مشيرة إلى أن القانون الدولي يحرّم مثل هذا السلوك تجاه الأسرى. وقال شقيقه، مقبل البرغوثي، إن تصريحات بن غفير «تهديد لكل الفلسطينيين»، مضيفًا: «من يقاوم الاحتلال سيتم محوه». وأشار مقبل إلى أن الفيديو الذي نشره بن غفير هو أول مرة ترى فيها العائلة وجه مروان منذ أن شددت إسرائيل القيود على زيارة المعتقلين الفلسطينيين بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 التي قادتها حماس. وأوضح أن زيارات المحامين إلى البرغوثي، البالغ من العمر نحو 65 عامًا، تقتصر على مرة كل بضعة أشهر، بينما قالت عائلته ومجموعة في الضفة الغربية تُطالب بإطلاق سراحه إنه تعرّض للضرب أكثر من مرة من قِبل حراس السجن منذ عام 2023.
في الوقت نفسه، تكثّف حكومة نتنياهو إجراءاتها المناهضة لفكرة الدولة الفلسطينية، مع تزايد الضغوط الدولية بسبب الخسائر البشرية الهائلة في غزة. وفي يوم الخميس، أعلن وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش أن إسرائيل ستمضي قدمًا في خطة مثيرة للجدل لتوسيع المستوطنات قرب القدس الشرقية، معتبرًا أن ذلك «يدفن نهائيًا فكرة الدولة الفلسطينية». وقد أعلنت دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وأستراليا خلال الأسابيع الأخيرة أنها ستعترف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر، في محاولة للضغط على إسرائيل لتحسين الأوضاع الإنسانية الكارثية والتخلي عن خططها لتوسيع الحرب.
وفرضت دول غربية، بينها بريطانيا وكندا، عقوبات على بن غفير بسبب تحريضه المزعوم على العنف ضد الفلسطينيين. ويُعدّ كل من بن غفير وسموتريتش من أبرز رموز اليمين المتطرف الذين يتمتعون بنفوذ كبير في حكومة نتنياهو. ورغم الانتقادات التي وُجّهت له بعد نشر الفيديو، أعاد بن غفير يوم الجمعة نشره من جديد، واصفًا البرغوثي بأنه «إرهابي كبير»، وأضاف: «ليُمحَ اسمه من الوجود».
من جهتها، تطالب حركة حماس، بحسب وسطاء عرب، بإدراج البرغوثي ضمن صفقات تبادل الأسرى مع إسرائيل، رغم انتمائه لحركة فتح التي تناصبها العداء السياسي، غير أن إسرائيل ترفض دومًا هذه المطالب. ويُعدّ الإفراج عن البرغوثي إنجازًا كبيرًا لحماس.
ووفقًا لاستطلاع نُشر في مايو الماضي من قبل المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية، فإن البرغوثي لا يزال الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية، حيث أظهر الاستطلاع أنه سيفوز بأغلبية الأصوات في حال أُجريت انتخابات رئاسية.