15 - 08 - 2025

هى مصر رايحة على فين؟!

هى مصر رايحة على فين؟!

ثمة هواجس وقلق، يشغل بال معظم المصريين الشرفاء الٱن، على مستقبل بلدهم،  والسؤال الذى يردده رجل الشارع البسيط والمهموم، هى بلدنا رايحة على فين؟! السؤال مشروع ومنطقى جدا فى ظل الأحداث،  والمتغيرات الإقليمية السريعة من حولنا، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر، وما ترتب عليها من تداعيات كارثية على غزة، أرجو ألا يفهم من كلامى، أننى أن أحمل المقاومة مسؤولية ماحدث للقطاع من دمار وقتل، وتشريد للٱلاف من أهالينا فى غزة. ولكن لدى قناعة أنه طالما استمر الاحتلال، من حق المقاومة أن تدافع عن شرفها لأن الأرض عرض، والمقاومة بالتأكيد رد فعل على جرائم الاحتلال. 

عودة إلى السؤال المطروح، هى مصر رايحة على فين؟!، فى اعتقادى أن السياج، والحصن المنيع الذى يوفر الحماية لأى دولة، هو أن تمتلك إرادتها أولا وأخيرا، بمعنى أن يكون قرارها مستقلا، وهذا يحدث حينما تمتلك غذاءها، على رأى مولانا الشيخ الشعراوى - رحمة الله عليه- عندما قال فى إحدى الفعاليات، "نستطيع أن نملك قرارنا عندما يكون أكلنا من فأسنا"، بالإضافة طبعا لوجود جيش قوى مزود بأحدث الأسلحة، وأزعم أن مصر تملك هذا، وعلى فكرة الجيش المصرى طول عمره كده ومن زمااااان أوى، من أيام إبراهيم باشا، فاكرين يامصريين.

وأيام جده محمد على باشا أيضا، والحقبة التاريخية تشهد بقوة وصلابة الجيش المصرى فى مواجهة المحتلين، بداية من الهكسوس، حتى المغول والصلبيين، والانتصار عليهم جميعا، ولاننسى طبعا حرب 56 والاستنزاف، وأكتوبر 1973، كلها أمجاد لقواتنا الباسلة على امتداد حقبة تاريخية طويلة، حتى لا يظن البعض أن فى هذا العهد فقط أصبح جيشنا قويا، ومن أدوات قوة الأمم أيضا الاستماع للٱراء المتنوعة والمخالفة لما يقوله الزعيم ويردده المطبلون والجوقة، طالما كانت هذه الٱراء  فى مصلحة الوطن، مع أهمية طبعا احتواء الٱراء التى تحمل أحيانا بعض الشطط، نحن لانخترع العجلة ولا نطلب المستحيل، هناك تجارب كثيرة ناجحة من حولنا، معظمها فى دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

ولعل اجتماع الرئيس السيسى الأخير مع رؤساء الهيئات الإعلامية، والصحفية يعطى طاقة أمل للسير على الطريق الصحيح الذى تأخرنا عنه كثيرا، بإفساح الطريق للرأى الٱخر، ومنح حريات أكثر، برغم قناعتى أن مسألة الحريات، والإنصات للٱراء المخالفة، ليست منحة من أحد، لأن الله خلقنا أحرارا، لذا أتذكر مقولة رائعة للرسول صلى الله عليه وسلم، أثناء قيادته الجيش فى أول مواجهة عسكرية مع كفار قريش، وأثناء السير ، أمر عليه الصلاة والسلام الجيش  بالتوقف، لكنه أراد أن يتأكد من صحابته أن عسكرة الجيش بهذا المكان صح أم خطأ، فقال صلى الله عليه وسلم: "أشيروا على أيها الناس"، فقام أحد الصحابة وتقريبا المقداد بن عمرو، وقال: "هل أمرك الله بهذا أم هو الرأى والحرب والمكيدة؟، فقال الرسول  بل هى الحرب والرأى والمكيدة، فرد الصحابى وقال : "لنتقدم يارسول الله، ونعسكر عند بئر بدر فنشرب ولا يشرب الكفار".

إذن الاستماع للٱراء المخالفة مفيد للأوطان، ومصادرتها، وحبس صاحبها، يؤدى بلا شك لخراب الدول وتدميرها عاجلا أو ٱجلا،  والأمثلة كثيرة، من حولنا، ولله در أمير الشعراء أحمد شوقى حين قال :

"رأى الجماعة لاتشقى البلاد به.. ورأى الفرد يشقيها،

من الأقوال التى دائما ما تشد انتباهى أيضا مقولة عمر بن الخطاب حينما كان يخطب فى الناس ذات مرة، وفجأة وقفت سيدة فاضلة، تراجعه فى مسألة المهور  فقال قولته المشهورة: "أصابت امرأة وأخطأ عمر"، وأردف قائلا:  "لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولاخير فينا إذا لم نتقبلها منكم"  يقصد الكلمة الحرة، يقول الله تعالى : "وأمرهم شورى بينهم".

إذن أى مواطن مصرى شريف يستطيع أن يجيب على هذا السؤال، "هى مصر رايحة على فين"؟! إن شاء الله على كل خير، لكن بشرط أن نعتمد على أنفسنا، وان ننتج غذاءنا، ونفسح المجال للٱراء المختلفة، وأن نسعى حثيثا لتحقيق العدالة الاجتماعية الناجزة بالأفعال وليس بالأقوال والشعارات، وكذلك الرد الحاسم على بجاحة العدو الصهيونى، وقلة أدب نتنياهو، ودحض أفكاره التوسعية على حساب مصر، وعدم الاكتفاء بالبيان الضعيف والباهت للخارجية، وإلغاء اتفاقية الغاز مع الكيان المجرم، وتجميد اتفاقية كامب ديفيد أيضا، لأن ماصرح به النتن إعلان حرب على مصر، وينبغى أن يكون الرد من جنس مافعله هذا السفاح النازى، ولتذهب إسرائيل  للجحيم .
-----------------------------
بقلم: جمال قرين


مقالات اخرى للكاتب

هى مصر رايحة على فين؟!