في تحرك دولي مشترك، أصدر 29 مانحًا، من بينهم الاتحاد الأوروبي وعدد من وزراء الخارجية والتنمية في دول كبرى، بيانًا شديد اللهجة يطالب بوقف إنساني فوري في مدينة الفاشر بشمال دارفور، محذرين من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين منذ أكثر من عام.
البيان، الذي وقعته شخصيات بارزة مثل هادجا لحبيب مفوضة الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، ووزراء من إسبانيا والنرويج والمملكة المتحدة وكندا والسويد وسويسرا ودول أوروبية وآسيوية أخرى، سلط الضوء على الوضع المأساوي في الفاشر والمناطق المحيطة بها، حيث يفرض قوات الدعم السريع حصارًا خانقًا قطع جميع طرق الإمداد والتجارة، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى توقف المطابخ المجتمعية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، وسط انتشار المجاعة وتزايد الوفيات بسبب سوء التغذية.
وأكد البيان أن المجاعة التي أُعلنت رسميًا في أغسطس 2024 بمخيمات النازحين قرب الفاشر قد تفاقمت وانتشرت خلال موسم العجز الغذائي الحالي، في ظل تصاعد حالات الكوليرا، حيث تم تسجيل أكثر من 60 حالة وفاة بسوء التغذية خلال أسبوع واحد فقط.
كما أشار المانحون إلى الانتهاكات المروعة التي يتعرض لها المدنيون، خاصة النساء والفتيات، منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، بما في ذلك معدلات مرتفعة من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، واستهداف البنية التحتية المدنية مثل الأسواق والمستشفيات، ما حرم السكان من أبسط مقومات الرعاية الصحية.
وكشف البيان عن مجزرة ارتكبتها قوات الدعم السريع في أبريل 2025 بمخيم زمزم للنازحين، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مدني، إضافة إلى تقارير عن مقتل مدنيين أثناء محاولتهم الفرار من الفاشر، والهجوم الأخير على مخيم أبو شوك الذي أودى بحياة 40 شخصًا على الأقل.
وحذّر الموقعون من أن أوضاعًا مشابهة من المجاعة والانتهاكات الوحشية تسود في مناطق أخرى من السودان، خاصة ولايتي كردفان، حيث تستمر المعارك والحصار المفروض على مدينة كادوقلي.
وطالب البيان جميع أطراف النزاع بتحمل مسؤولياتهم في حماية المدنيين، وتنفيذ التزاماتهم المنصوص عليها في إعلان جدة (مايو 2023) باحترام القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق، ومنع أي انتهاكات بحق المدنيين، لا سيما النساء والأطفال والعاملين في المجال الإنساني.
ودعا المانحون بشكل خاص قوات الدعم السريع وحلفاءها إلى رفع الحصار عن الفاشر وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2736 (2024)، ومنح هدنة إنسانية تسمح بوصول المساعدات بشكل عاجل، وتأمين ممرات آمنة للمدنيين الراغبين في مغادرة مناطق القتال. كما طالبوا الجيش السوداني بتجديد موافقته على هذه الهدنة في الفاشر، وتسهيل عمل منظمات الإغاثة عبر منح التصاريح اللازمة.
وشدد البيان على ضرورة فتح معبر أدره الحدودي أمام المساعدات الإنسانية بشكل دائم، ورفع القيود البيروقراطية، والسماح لقوافل الأمم المتحدة وموظفيها الدوليين بالانتشار في مختلف أنحاء السودان، خاصة في دارفور وكردفان، لضمان وصول الإغاثة للمحتاجين بأسرع وقت.
واختتم المانحون بيانهم بالتأكيد على وقوفهم إلى جانب شعب السودان، ودعمهم للمنظمات الإنسانية المحلية والدولية التي تواصل عملها رغم الظروف شديدة الصعوبة، مشددين على أن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات والمساءلة عن الانتهاكات، أمور غير قابلة للتأجيل.