قد كثر ما تطالعنا به الأخبار المقروءة، والمقاطع المرئية من التعرض بالسوء للمعلمين فى أماكن عملهم من قِبَل طلابهم، وأولياء الأمور، والمتابعين، والمحافظ، والوزير!
فهذا يطلق بالأذى لسانه، وهذا يبسط بالبطش يده، وهذا يوبخ المعلم أو المعلمة بين يدى الكاميرا ثم ينشر (اللقطة)، فيغرى غيره بأن يحذو حذوه، ويسىء إساءته! فكل من أراد الزهو بنفسه جاء إلى بيت العبيد فبطش ببعضهم ثم خرج مختالًا فخورًا بصنيعه الموثق بالكاميرات!
إن المعلمين يبلغ عددهم نحو مليون معلم عامل (يزيدون أو يقلون)، وهؤلاء جميعًا عند من فوقهم ليسوا إلا عددًا فى ليمون، فلا يؤبه لأمرهم فى شىء، فتراهم من أقل الموظفين أجرًا، وأقلهم تقديرًا، ولا يُحتاج إلى عديدهم هذا إلا فى يوم الانتخابات؛ ليُكثِّر سوادهم اللقطة المطلوبة، فيحشروا أيام الانتخاب حشرًا بالأمر والتخويف كأنهم دواب تساق، فإذا انقضت عادوا عبيدًا لأى سيد يمر بباب مدرستهم، فيدخلها فيأمر وينهى كبيرهم وصغيرهم فيلبون ويجيبون، وإن شاء وبّخ مديرهم ووكيلهم فيسمعون ويطيعون، ثم ينصرف راشدًا تصحبه التحيات والتلطفات!
ولقد قرأت ما أذاعه الإعلام من أمر الضابط والسايس، وكيف أن (ضابطًا) اعتدى بالضرب على (سايس) لنادى (القضاة)، فلما بلغت الواقعة أهل النادى وراجعوا كاميراتهم وجهوه أن يحرر محضرًا بالواقعة ضد (الضابط)، فحُقّق معه، ثم ذهب هذا (الضابط) إلى النادى معتذرًا إلى (السايس) ومقبِّلًا رأسه! ومن بعد الاعتذار أُبقيت الواقعة قيد التحقيق لم تُحفظ! فلما قرأت ذلك ذكرت دَخلة المداهمات التى يتبعها محمد عبد اللطيف فى مداهماته أوكار معلميه ورجاله ليحرر لهم ضبطية (تقييمات وكراسات)، وذكرت بُكمة الزناتى خلف أو خلف الزناتى الذى لو سُمِع حِسه فى شؤون مليون من المعلمين كُلِّف هو بنقابتهم لما أخطأنا ترتيب اسمه، ولما جهلنا وجهه وشخصه، لكنه تركهم يتصايحون أشهرًا وسنين فيما بينهم على فيس بوك فى شأن أساسى أجورهم الثابت على العام ٢٠١٤ واستقطاعاتهم التى تُستقطع منهم على أساسى العام الراهن! وفى شأن تقييمات أفسدت عمل المعلم واتخذت سيفًا على رقبته! وفى شأن كل مارٍّ بهم يدخل فيهينهم! فلم نسمع لنقابة الزناتى حسًّا ولا رِكزًا! إن مصيبة المعلمين فى هذين الرجلين أكبر من مصيبتهم فيمن يأتون من خارج أبوابهم، فهذان الرجلان الزناتى وعبد اللطيف اللذان يفترض أنهما ناطقان بلسان مليون من المعلمين، وأن من واجبهما الإتيان بحقوقهم، ورد الأذى عنهم، لكن قلوبهم وأعمالهم لا توقر المعلمين، ولا تقيم لهم كبير وزن، بل تجرِّئ عليهم، وتغرى بهم، فكيف نلتمس التوقير والتقدير من طالب أو ولى أمر أو محافظ؟!
إننى لأضع بين يدى محمد عبد اللطيف والزناتى هذا المثال أو السؤال، وأدع لهما الجواب: كلنا يعلم أن وزارة الداخلية تفتش وتحاسب المقصر منها، فهل رأيتما يومًا لقطة وزير الداخلية مصطحبًا مصور الوزارة ومداهمًا رجاله فى أحد الأقسام ليراجع دفتر الأحوال، ويفتش السلاحليك، ثم يأمر بنقل مأمور القسم؟! هم يفتشون ويحاسبون وينقلون لكن لا يفضحون حفظًا لمهابتهم الواجبة فى أعين الناس، فهل المعلم أقل حاجة للتوقير وصون كرامته من إخوانهم فى الشرطة؟! وحين حفظ أبناء الداخلية للجهاز كرامته فلست تجد محافظًا أو غيره يمر بباب القسم موبخًا أمينًا يفطر أو مندوبًا يشرب الشاى، بل ستجد هذا المحافظ الذى وبخ المعلم والمدير يدخل القسم مبتسمًا مسلّمًا على أهله، شادًّا على أيديهم، متمنيًا لهم دوام التوفيق والسداد، ولو فعل غير هذا لسمع من صغار الرتب ما يسوء وجهه.
إن على سايس نادى القضاة أن يحمد ربه أنه كان سايسًا على رصيف نادى القضاة، وليس مدير مدرسة ولا مدير إدارة من موظفى التربية والتعليم، ولا حامل بطاقة عضوية نقابة الزناتى؛ إذًا لناله من الهوان ما نالهم.
-----------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]