07 - 08 - 2025

(مؤشرات).. تصريحات الرئيس السيسي.. تقدير موقف جديد

(مؤشرات).. تصريحات الرئيس السيسي.. تقدير موقف جديد

بقلم: محمود الحضري

توقفت عند كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقاء فجر الأربعاء 6 أغسطس مع طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية بمقر قيادة الدولة الاستراتيجي بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي قال فيها "إن التدمير الحالي في غزة غير مسبوق، ومصر بذلت جهودًا كبيرة منذ عام 2007 لتجنب التصعيد في غزة، مدركة أن الشعب الفلسطيني سيدفع الثمن في أي مواجهة، موضحا ، وأن الدولة المصرية تواصل العمل من أجل وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، والتعاون لإطلاق سراح الرهائن والأسرى، رغم حملات التشويه والتضليل التي تستهدف دور مصر المحوري".

وتأتي هذا الكلمات بعد 24 ساعة من تصريحات مهمة ترد على التشدد الإسرائيلي المدعوم أمريكياً، الرافض لأي مساعي نحو وقف الحرب على غزة، وتدفق فعلي ومرن للمساعدات إلى المحاصرين في غزة، والجوعى مع سبق الإصرار والترصد.

وكانت تصريحات الرئيس يوم الثلاثاء 5 أغسطس، خلال مؤتمر صحفي وعلى الهواء مباشرة مع نظيره الفيتنامي "لوونج كوونج"، أكثر قوة ووضوحاً في رسائل مباشرة لعالم ودول تكيل بمكيالين، حيث قال " إن التاريخ سيتوقف كثيرًا وسيحاسب ويحاكم دولًا كثيرة على موقفها في الحرب على غزة، خاصة وإن الضمير الإنساني العالمي لن يصمت طويلًا".

وهذه كلمات تحمل الكثير من المعاني، لتحميل العالم كله، ودول بعينها مسؤوليتها لما يجري في غزة من حرب وتطهير عرقي، وقتل على الهوية، وإبادة، إما بالتجويع حاليا، وبالقنابل والمدافع والدبابات، والطائرات على كل شيء بشراً وحجراً، وسط صمت دولي، خصوصاً من أميركيا التي بيدها قرار وقف الحرب، ولكنها لا تريد بشكل جدي، وواضح، وتؤيد الرغبة الإرهابية الصهيونية، سراً وعلناً.

لغة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعكس وجهة نظر المجتمع الشعب المصري، والعديد من الشعوب، وهي ذات التي تؤكد أنها وجهة النظر الحكومية والدبلوماسية المصرية، وبشكل واضح وصريح، وفي رسالة مريرة للعالم، ومن يدعون أنهم رعاة سلام في العالم، وهي تلك التي جاءت واضحة في كلماته "إن الحرب في غزة لم تعد حربًا لتحقيق أهداف سياسية أو إطلاق سراح رهائن بل اصبحت حرباَ للتجويع والإبادة وتصفية القضية الفلسطينية".

هذه اللغة الرئاسية أشعر أنها تلفت إلى تحليل مهم لما يجري، عن موقف مصري وعربي ربما أصابه الملل من موقف أمريكي وإسرائيلي يصر على استمرار سريان بحور دم الفلسطينيين على أرض غزة، وإلى مزيد من عشق هذا الدم، لتحقيق مآرب خاصة، وأطماع لا نهاية لها، في السطو على حق شعب فلسطين، وحتى ولو كان الثمن هو قتل كل من يحمل "دم فلسطيني".

ومن هنا جاء الشق الثاني من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليقول "إن مصر لن تكون بوابة لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه"، ولعل هذا الجالس على كرسي البيت الأبيض، وهذا العاشق للحرب، والمتهم بجرائم حرب وإبادة رسمية، وأقرتها محاكم دولية واممية، ومنظمات دولية، لعل هؤلاء وغيرهم يدركون المعنى الذي وصلت إليه المواقف الشعبية والسياسية، بأن مساعيكم نحو وقف الحرب، ليست إلا مجرد هراء، وضجيج لا معنى له، بل هي تغطية على جرائم فاتت وجرائم جديدة جاري الإعداد لها.

رسالة مصر للعالم والراعي الأمريكي للإرهاب الصهيوني، مستمرة وبوضوح، وهي "سكان قطاع غزة يتعرضون لإبادة ممنهجة، ومصر لم تتخل عن دورها في إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، .. ورسالة أخرى إلى رئيس وعالم لا يسمع إلا من الطرف المُحتل، إلا أن الآمال مازالت معقودة في إيجاد حل، ومن هنا جاء على لسان الرئيس السيسي، "أكرر ندائي للعالم والدول الأوروبية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتدخل لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات لغزة".

الكلمات تعكس أزمات ثقة في أي شيء، خصوصاً أن الدولة المصرية ترى أن ما يجري لا يخرج عن أن "لوضع في قطاع غزة يتم استخدامه كورقة سياسية للمساومة"، ولا شك أن هذا ما أثبتته التجارب على مدى ما يقارب العامين من مساومات تأتي من كل الأطراف.

حتى تلك المحاولات لإلقاء الاتهامات في التجويع على طرف غير هذا الصهيوني المحتل ما هي إلا "افلاس"، من كل الأطراف، فالواقع يؤكد أن مصر لم تشارك – كما يدعي الصهيوني القاتل في تلك أبيب، ومن ساروا في ركبه- لا دليل له، فالمماطلة تأتي من طرف يصر على تجويع مليونا فلسطيني، يعيشون بين الدمار وأطلال ما كان يسمى بالمدن والمخيمات في قطاع غزة.

واقع مؤلم، تعكسه لغة مصرية جديدة عن واقع غزة الدامي، ومحاولات أمريكية وصهيونية للتهرب من أي محاولات نحو وقف الحرب، والاستمرار في "حرب التجويع"، ورسم خطط تنفيذية، لتحقيق أطماع أكبر وأكثر.. ولا بد أن تدرك أطراف المعتدين على غزة، أن الوصول إلى مرحلة فقدان الثقة وأي بادرة أمل تدفع نحو مسار مختلف.

……………………………

بقلم/ محمود الحضري 

مقالات اخرى للكاتب

(مؤشرات).. تصريحات الرئيس السيسي.. تقدير موقف جديد