17 - 08 - 2025

اختبارات القدرات: فخ الأمل بعد الثانوية العامة!

اختبارات القدرات: فخ الأمل بعد الثانوية العامة!

الحلم  ب 800 والأمل أغلى شوية... يا بلاش يا تعليم بعد الثانوية!

انتهت ماراثونات الثانوية العامة، وأغلق الطلبة كراسات الإجابة على آمالهم. وطمسوا الدوائر البيضاء في البابل شيت، لكن في فجوة زمنية قصيرة، بين انتهاء الامتحانات وظهور النتائج، وقبل ماراثون التظلمات، يبدأ سباق من نوع آخر: سباق "اختبارات القدرات".

يضطر آلاف الطلاب للتقديم في كليات تحتاج اجتياز اختبار قبول، يُشترط اجتياز هذا الاختبار كشرط للالتحاق بعدد من الكليات، مثل الفنون الجميلة والفنون التطبيقية والتربية الرياضية وكليات التربية الفنية والتربية وغيرها، وكأنهم يتسابقون إلى طوق نجاة قبل أن تغرق سفينة المجموع. أنا لست ضد اختبار القدرات ولكن العقل والمنطق يقول أن تكون هذه الاختبارات بعد إعلان النتيجة وليس قبلها، ومناقشة آليات تأدية الامتحانات بطريقة تربوية وتعليمية لائقة.

السبب بسيط: لا أحد يضمن شيئًا. الطالب الذي يتمنى أن يصبح مهندسًا أو مبدعا أو فنانًا، لا يعرف إن كانت درجاته ستسمح له بذلك، فيدخل اختبار القدرات كرهان على المستقبل. لكن الرهان مكلف: 800 جنيه للاختبار الواحد، وأحيانًا يضطر الطالب لخوض أكثر من اختبار في أكثر من كلية، لضمان فرصة واحدة على الأقل للنجاة.

والنتيجة، في الغالب، خيبة مزدوجة. الدرجات لا تكفي، التنسيق لا يرحم، والكلية التي حُلم بها الطالب، والتي دفع لأجل اختبارها، أصبحت خارج الحسبة.

اختبارات القدرات لم تعد سوى "أوراق خاسرة" في يد الطالب، بعد أن خسر أمواله دون جدوى.

وفي بيوت كثيرة، تضم الخيبات على الخيبات في صمت، ويُقال ما يشبه العزاء:

"مش مشكلة.. شد حيلك في اللي جاي.. اللي جاي أحسن إن شاء الله."

ويظهر ولي الأمر بين الطاحونة والطموح. دفع الآلاف على مدار عام كامل: دروس خصوصية، أكواد منصات تعليمية، أوراق مراجعة، سناتر لا ترحم، وبعدها اختبارات القدرات… ثم يدخل من جديد في دوامة أخرى: تقديم من محافظة لأخرى بحثًا عن فرصة قبول في الجامعات الخاصة، وتسديد رسوم التقديم للجامعات الخاصة خارج التنسيق الرسمي، وهو لا يعلم إن كانت ستقبله أم لا. وبنفس الأمل السابق في اختبار القدرات يدفع كل ما تبقى أو ربما ما يدان به ليسدد رسوم التقديم في أكثر من مكان وفي أكثر من محافظة، سفر ومصروفات، وتجهيز "كاش" هنا، وشحن الفيزا هناك. كل هذا من أجل أن يرى ابنه أو ابنته في مكان "أفضل منه".

لكن، بعد رحلة السنوات الجامعية، وبعد أن ينال الطالب شهادته، يجد نفسه غالبًا عاجزًا عن تلبية متطلبات سوق العمل، ويضطر لإعادة الكرّة: كورسات، دورات، تدريب غير مدفوع، محاولات يائسة لإيجاد موطئ قدم في "سوق لا يرحم".

هل نعيد التفكير؟

ما يحدث سنويًا هو مأساة صامتة.

تجارة بالأمل، تسليع للتعليم، ضغط لا يُحتمل على عائلات بالكاد تسد رمقها، ورسوم تُدفع لمجرد المحاولة، لا لضمان شيء.

لا أحد يُحاسب هذه المنظومة، ولا تُطرح أسئلة جوهرية من نوع:

لماذا لا تُجرى اختبارات القدرات بعد ظهور النتيجة؟

لماذا لا تكون الاختبارات مجانية أو رمزية؟

ما جدوى اختبار القدرات إن كان الطالب لن يُقبل أصلًا بسبب مجموعه؟

لماذا يدفع الطالب رسوم تقديم لكلية قد لا يلتحق بها؟

هل أصبح التعليم حلمًا طبقيًا بامتياز؟

المأساة تتكرر كل عام، وتتسع دوائرها. والمجتمع، بدلاً من أن يُراجع سياسات التعليم والقبول الجامعي، يواصل طقوس الاستنزاف ذاتها: دروس، اختبارات، رسوم، ثم إحباط...

وفي النهاية، نُلقي اللوم على الطالب، ونطالبه بالتركيز في القادم، ونتظاهر أن كل شيء على ما يرام، ولا نقف لحظة لمساءلة المنظومة التعليمية التي لا ترحم الفقراء.

…………………………….

بقلم/ هاني منسي

كاتب وناقد

مقالات اخرى للكاتب

اختبارات القدرات: فخ الأمل بعد الثانوية العامة!