في زمن أصبحت فيه المناصب تُقاس أحيانًا بالصلاحيات لا بالعلاقات، يظهر دائمًا من يثبت أن القيادة الحقيقية لا تُبنى فقط على القرارات، بل على القرب من الناس، والاحترام، والتواضع، والفهم العميق لمعنى "الإدارة بالحب والتواصل".

وأقرب مثال حي على هذا المعنى: الدكتور هاني جميعه، وكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق، الذي صدر له قرار مؤخرًا بتولي مسؤولية مديرية الصحة في بني سويف.

لم تكن تجربة الدكتور هاني في الشرقية تجربة إدارية عادية، بل كانت تجربة إنسانية، تركت أثرًا كبيرًا في قلوب العاملين والمرضى، والإعلاميين، وكل من تعامل معه. كان نموذجًا في الاهتمام والمتابعة الدقيقة، والحضور الفعلي لا الشكلي، والتواصل المستمر، والرد على كل استفسار بكل احترام، مهما كان السائل أو السائلة.

بعض القيادات — للأسف — ترى أن النجاح في الإدارة يعني فقط اتخاذ قرارات صارمة أو الظهور في الوقت المناسب، لكن د. هاني أثبت أن النجاح الحقيقي في الإدارة هو فن الحضور وسط الناس، قبل الحضور في الورق.

لم يتعالَ على أحد، لم يتجاهل مريضًا، لم يتأخر عن إعلامي يطلب توضيحًا، بل كان يرد، ويستأذن، ويحترم الجميع، حتى الإعلام — الذي يعتبره البعض مصدر المشاكل — لم يشهد أي خلاف معه، لأن العلاقة كانت مبنية على الشفافية والتقدير.

ولذلك، لم يكن غريبًا أن يُكرَّم هذا الرجل عند وداعه للشرقية، لا لأن أحدهم أمر بذلك، بل لأن الناس أرادوا أن يردوا الجميل بالكلمة الطيبة، والورد، والدعاء الصادق.

والتكريم الذي تلقّاه من أبناء الشرقية، هو شهادة صدق بأن الإدارة بالتواضع ليست ضعفًا، بل هي أعلى درجات القوة.

أخشى على هذا النموذج الناجح من أن يُرهق بكثرة الظهور، أو أن يُستهدف ممن لا يحتملون النماذج المحبوبة، لكني أثق أن الإخلاص في العمل لا يخيب، وأن من يعمل للناس بصدق، سيظل محفورًا في وجدانهم أينما ذهب.

في النهاية..

القيادة ليست في المنصب، بل في التأثير.

والنجاح لا يُقاس بعدد الأوامر، بل بعدد القلوب التي تُحبك حين ترحل.

والدكتور هاني جميعه، باختصار، "ابن ناس.. في أصله، وأدائه، وأسلوبه".
---------------------------
بقلم: أحمد صلاح سلمان