في ظل التقارب المتسارع بين القاهرة وأنقرة، وتزايد الحديث عن شراكة استراتيجية واعدة بين البلدين، حل السفير التركي لدى مصر صالح موطلو شن ضيفًا على برنامج "علشان بكرة" الذي تقدمه الإعلامية جيهان قوزي على القناة الفضائية المصرية، في حوار كشف خلاله عن أبعاد جديدة في مسار العلاقات المصرية التركية، وخطط اقتصادية واستثمارية وثقافية طموحة.
وتناول الحوار، الذي اتسم بالشفافية والوضوح، العديد من القضايا الحيوية، من بينها الاستثمارات الصناعية الضخمة التي تعتزم تركيا تنفيذها في مصر، وخطط دعم التعليم المشترك، والتوسع في السياحة، والتبادل الثقافي، وتطورات الوضع الاقتصادي التركي الداخلي.
كما تطرق السفير إلى تسهيلات غير مسبوقة تقدمها تركيا للمستثمرين، ومشروعات ضخمة يتم العمل عليها داخل مصر، مؤكدًا أن القاهرة تمثل لبلاده بوابة اقتصادية إلى أفريقيا والعالم العربي.
تسهيلات متبادلة لتعزيز التعاون الاقتصادي
أوضح السفير أن تركيا ومصر تعملان على تقديم تسهيلات كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي، مشيرًا إلى أن أنقرة تقدم جميع أنواع التسهيلات المشجعة للاستثمار الأجنبي، وإن كانت موجهة إلى قطاعات بعينها مثل التقنيات، التكنولوجيا، الآلات، والصناعة.
وأكد أن تركيا تُعد منطقة جذب كبيرة للاستثمار في هذه المجالات، مدعومة بتحفيزات تتعلق بالإعفاءات الضريبية، وتخصيص الأراضي، والمناطق الحرة.
كما أشار إلى أن تركيا نفسها تحصل على تسهيلات مهمة من الاتحاد الأوروبي عبر الاتحاد الجمركي، والذي يسمح لأي منتج يتم تصنيعه داخل تركيا بالتصدير إلى أوروبا دون ضرائب، وهو ما يعد ميزة نسبية كبيرة.
الاستثمارات الأجنبية في تركيا
كشف السفير أن الاستثمارات الأجنبية، خصوصًا من الصين واليابان، لا تحصل على نفس التسهيلات التي تقدمها تركيا في بعض القطاعات، مشيرًا إلى أن المستثمرين يأتون إلى تركيا بهدف الاستفادة من عضويتها في الاتحاد الجمركي للوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي.
مصر بوابة تركيا إلى أفريقيا والعالم العربي
قال السفير إن مصر تُعد بوابة مهمة لتركيا إلى أفريقيا والعالم العربي، موضحًا أن تركيا تستفيد من البنية التحتية المتطورة في مصر، بالإضافة إلى الاتفاقيات التجارية التي تربط القاهرة بالعديد من الدول العربية والأفريقية.
وأكد أن مصر تتيح فرصًا استثمارية كبيرة في المناطق الاقتصادية الخاصة، التي تتمتع بامتيازات وتسهيلات ومحفزات تجعلها بيئة مثالية للاستثمار التركي، خصوصًا في مجالات البنية التحتية وخطوط النقل.
مشروعات صناعية عملاقة ومناطق اقتصادية جديدة
كشف السفير عن توقيع 17 اتفاقية بين مصر وتركيا في مجالات السياحة، الصناعة، التعليم، الزراعة، كما أعلن عن اتفاقيتين لإنشاء منطقتين صناعيتين في كل من السادس من أكتوبر والعاصمة الإدارية الجديدة.
وأكد أن الشركات التركية ستقوم ببناء 500 مصنع على مساحة مليون متر مربع، مع اهتمام كبير بمنطقة القنطرة، التي تعد منطقة اقتصادية ذات استقلالية ولها مميزات تنافسية.
كما كشف السفير عن أن تركيا أعادت القطع الأثرية التي تم تهريبها من مصر إلي أنقرة.
تعاون ثقافي وزفاف تركي
أشار السفير إلى أن هناك تعاونًا ثقافيًا ملموسًا بين البلدين، يتمثل في مشاركة تركيا ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كما أعلن عن إقامة فرح تركي قريبًا في قصر عابدين، ما يعكس التقارب بين الشعبين والمكانة السياحية لمصر.
تعليم مشترك ومدارس تركية
أوضح السفير أن هناك ما يقرب من 10 آلاف طالب مصري في الجامعات التركية، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 20 ألف طالب قريبًا، ما يعكس الثقة المتبادلة في التعليم.
كما كشف عن رغبة الحكومة التركية في بناء مدارس داخل مصر، لدعم التعليم وتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين.
هدف استثماري بـ 15 مليار دولار خلال 5 سنوات
أكد السفير أن تركيا تسعى للوصول بحجم الاستثمارات المشتركة مع مصر إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرًا إلى أهمية استمرار ضخ الأموال لاستكمال مشروعات البنية التحتية.
كما أوضح أن البلدين يخططان لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار خلال 10 سنوات، عبر اتفاقيات للتجارة الحرة وتسهيلات جمركية.
قطاع السياحة.. نحو نصف مليون سائح تركي إلى مصر
قال السفير إن عدد السياح الأتراك الذين يزورون مصر ارتفع ليصل إلى 250 ألف سائح سنويًا، وهناك خطة لزيادة العدد إلى 500 ألف سائح تركي.
وأشار إلى أن المقاصد السياحية المفضلة للأتراك هي شرم الشيخ، الغردقة، والأقصر، لكن هناك توجه لجذبهم إلى القاهرة نظرًا لما تمتلكه من آثار وتاريخ حضاري.
وأكد السفير أن مصر بدأت مؤخرًا منح التأشيرة عند الوصول مباشرة للمواطنين الأتراك، كما أن زيادة عدد رحلات الطيران سيؤدي إلى خفض أسعار التذاكر، وبالتالي تنشيط حركة السياحة المتبادلة.
الإصلاح الاقتصادي التركي
تحدث السفير عن الوضع الاقتصادي الداخلي في تركيا، موضحًا أن الحكومة واجهت تحديات بسبب ارتفاع معدلات التضخم، مما دفعها إلى رفع أسعار الفائدة.
وأكد أن هذه الإجراءات أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين الأتراك، لكن هناك مؤشرات على انخفاض التضخم مؤخرًا مقارنة بالسنوات السابقة.
وأشار إلى أن الحكومة رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 600 دولار، وبدأت في دعم كبار السن، المتقاعدين، والسيدات.
كما أشار إلى نقص في الأيدي العاملة في قطاعات النسيج والبناء والتشييد رغم الحوافز المتاحة.
الزلزال الأخير.. تكلفة تجاوزت 100 مليار دولار
تحدث السفير عن الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، مؤكدًا أن أضراره كلفت الاقتصاد التركي أكثر من 100 مليار دولار.
وقال إن الزلزال أدى إلى ارتفاع كبير في الإيجارات بسبب الضغوط السكانية، خصوصًا في المناطق المنكوبة.
وأشار إلى أن الحكومة قامت ببناء 300 ألف منزل جديد في المناطق المتضررة، إلى جانب إنشاء مدن جديدة بالكامل لإيواء السكان المتضررين، في إطار خطة شاملة للتعافي.