قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إن إسبانيا تشهد موجة متصاعدة من تجنيد القُصّر عبر الإنترنت، تتصدرها منصة "تيك توك" التي أصبحت أداة أساسية في استقطاب الأطفال والمراهقين. ففي عام 2024، اعتقل 15 قاصرًا بتهم تتعلق بالتطرف والانتماء لتنظيمات إرهابية، مقارنة بـ 6 فقط في 2023، ما يعكس قفزة حادة تجاوزت 150% خلال عام واحد. كما تشير البيانات إلى خطورة هذه الظاهرة خلال 2025، إذ اعتُقل 7 قُصّر إضافيين في النصف الأول من العام فقط.
وأردف المرصد في بيان: تُظهر هذه الأرقام تحوّلًا واضحًا وخطيرًا في خريطة التجنيد الإرهابي داخل أوروبا، حيث وصل عدد القُصّر المعتقلين بين عامي 2017 و2022 ثماني حالات. وبرزت إسبانيا وفرنسا كمركزين رئيسيين لهذا التهديد، حيث تمثلان معًا 55% من إجمالي حالات اعتقال القُصّر المرتبطة بالتطرف في القارة من أصل 62 حالة موثقة.
ونوه بأن التحقيقات الأمنية كشفت أن الجماعات المتطرفة أصبحت تعتمد على منصة "تيك توك" لبث دعايتها واستقطاب القُصّر، من خلال محتوى ديني سطحي يتطور تدريجيًا إلى رسائل تحضّ على الكراهية والعنف، وذلك بفضل خوارزميات التطبيق التي تُسهم في تسريع وتيرة انتشار هذا المحتوى، مستهدفة المراهقين في لحظات هشاشتهم النفسية، لا سيما أولئك الباحثون عن هوية أو شعور بالانتماء، إلى جانب ذلك، فإن طابع المنصة الرقمية "الجذاب" و"سهولة الاستخدام" حولها إلى بيئة خصبة لبثّ الفكر المتطرف بأساليب تتجاوز أدوات التجنيد التقليدية.
واستكمل المرصد: وردًا على التحديات الأمنية التي فرضها التطرف الرقمي، أطلقت الحكومة الإسبانية خطة وطنية شاملة لرصد المحتوى المتطرف عبر الإنترنت بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى، بالإضافة إلى برامج لإعادة التأهيل النفسي والفكري للأطفال المتأثرين بالدعاية المتشددة، مع ذلك، يظل الجانب القانوني معقدًا، نظرًا لحساسية التعامل مع قُصّر تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، ما يتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية المجتمع وضمان حقوق الطفل في إعادة الدمج والتأهيل.
وأكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن ارتفاع معدل استقطاب القُصّر داخل إسبانيا بمثابة إنذار يدعو إلى تنسيق متكامل بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات التعليمية والإعلام والمجتمع المدني، بالتوازي مع تطوير خطاب ديني متزن يواكب متغيرات العصر ويعالج الجذور النفسية والاجتماعية التي تستغلها التنظيمات المتطرفة.
وشدد المرصد على ضرورة تمكين الأسرة والمعلمين من أدوات الرصد المبكر والتوجيه السليم، لصناعة جدار وقائي يحصّن النشء فكريًا من الوقوع في براثن التطرف والانغلاق