يستطيع اصغر مواطن فى محافظات جنوب الصعيد أن يرصد بإرتياح مطلق أن ما تشهده انتخابات مجلس الشيوخ ما هو إلا توزيع مناصب ومعركة تمهيدية أو ما يعرف فى العمليات الحربية بمصطلح " تمهيد الأرض " استعدادا لمعركة كبرى وهى معركة انتخابات مجلس النواب.
ولكن هناك أبطال حقيقيون لهذه الانتخابات، وبلا منازع ظهر بطل قديم جديد ولكن بشكل فج وهى " القبلية " والتى اكتست هذه المرة بثوب الانتماء الحزبى ويستطيع أصغر طفل أن يقص ويروى حكايات وجلسات ومؤامرات قبلية ترفع لافته الحزب السياسى، ولكن من يعرف الحديث والمتحدث يعلم تماما أن القصة أبعد ما تكون عن الانتماء الحزبى، وبمراجعة سريعة لنفس الوجوه قبل 5 سنوات من الآن وفى ذات الاستحقاق البرلمانى وهو مجلس الشيوخ سترى العجب وتضرب كفا بكف وربما تقرر ان تقفز من مقعدك وتجرى فى الشارع الذى تقطن به من هول ما ترصده.
دون قصد ودون دعوة ودون رغبة استمعت إلى بعض المتحدثين فى إحدى جلسات ومؤتمرات هذه الأحزاب، فسعدت جدا عندما سمعت الحديث عن محاربة القبلية والجهوية وضرورة الاختيار بمنطلق علمى وخدمى وأن القبلية سبب تأخر الصعيد وهذا كلام سليم تماما، ولكن عندما دققت فى الأصوات وتعرفت عليها، وجدت نفسى أكاد اجن، فمن يتحدث بهذا الحديث هم أنفسهم من يرفعون رايه القبلية، بل دفعوا بالبعض فى السير فى هذا الطريق وهم من أفرغوا أحزابهم ممن يعترض على قبليتهم، وهم أنفسهم من جعلوا بعض الأصوات فوق أي نقد وألبسوهم ثوبا تاريخيا أبدا لم يمر حتى فى أحلامهم، وحاولوا تجميل وجوه كالحه بفسادها وتاريخها القبلى المقيت لمجرد أنها تشاركها الراية.
الحقيقة أن بعض الأحزاب فى ورطة حقيقية بمحافظات الصعيد بشأن انتخابات مجلس الشيوخ وستظهر النتائج صحة ما نقول، ورطة اختيار وورطة ثقة وحتى ورطة دعاية وورطة حشد.
أما عن بعض الاختيارات، فللحقيقة كنت اتمنى أن تخرج هذه الأحزاب وتشرح التاريخ السياسى او حتى العلمى لمن دفعت بهم حتى تنال ثقة المواطن فى الشارع، وخاصة قطاع الشباب، وللحقيقة أيضا قد نتحدث فى منطقة شديدة الظلام ولا يستطيع البعض أن يهمس داخلها ولكن قطعا هى مثار حديث الأهالي ،على بعد ما يقل عن 15 كلم من إقامتي تحدث الأهالي عن بعض الاختيارات وأجزم إننى أعلم على الاقل أن بعض من نال الثقة والرضا وبات بالفعل على بعد متر واحد من مقعده بمجلس الشيوخ لم أسمع عنه فى حياتى، ليس أنا بل كل جيرانه، وهنا يظهر سؤال مهم من الذى يختار وما هى أسس الاختيار وهو سؤال خارج المقرر ولن نجد إجابه عليه وربما لمجرد طرحه فقط هناك خطورة.
نعود إلى جولات الأحزاب ودرجة الاستهانة ذاتها بالناخب ووصول الحديث إلى درجه اقتراح اقتطاع مدينة من محافظة وتحويلها إلى محافظة نزولا وإسقاطا على استحواذها على عدد كبير من مقاعد هذه المحافظة والحديث يخرج من وجوه حزبية عفى عليها الزمن وحان وقتها جلوسها على سجادة الصلاة والاستغفار والتقرب الى الله عز وجل والاستعداد ليوم الرحيل.
اضف لذلك افتكاسة خطيرة لبعض المسؤولين فى محافظات الجنوب التى لم يبق منها إلا اسمها ودرجة حرارتها ومحطة القطار وكفى، بفرض رسوم دعاية فى الشوارع فى وقت سجلت فيه هذه المحافظات تقريبا أعلى نسب تأخر فى كل شىء منها نسب التنمية والاستثمار، والأعلى فى مصر من حيث البناء المخالف والتعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية , ليترك المسؤول كل هذا ويأتي بنصيحة غير أمينة ويقرر مناكفة المرشحين الشبان فى محافظته.