08 - 08 - 2025

"القبطان": على القانونيين قيادة حماية الخصوصية الرقمية في مواجهة جرائم الأمن السيبراني

 نظّمت مكتبة الإسكندرية ندوة متخصصة بعنوان "جرائم الأمن السيبراني"، قدّمها المستشار الدكتور عمرو شكري القبطان، الخبير في أمن المعلومات وجرائم الإنترنت، والمستشار بوزارة العدل المصرية، وذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب. أدار اللقاء المهندس هيثم مهيب، مدير بيت السناري التابع للمكتبة.

في بداية حديثه، أكد المستشار عمرو شكري القبطان أن الأمن السيبراني لم يعد حكرًا على المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، بل أصبح مجالًا واعدًا لخريجي كليات الحقوق، نظرًا لطبيعته القانونية المعقدة. ولفت إلى أن غياب البعد التشريعي في بدايات التعامل مع التكنولوجيا الحديثة أدى إلى صدور قوانين غير متسقة مع المعايير القانونية، وهو ما كشف الحاجة إلى تدخل المشرّعين والقانونيين لصياغة الأطر القانونية المنظمة للفضاء الرقمي.

وتناول القبطان بالتفصيل قانون اللائحة العامة لحماية البيانات الشخصية (GDPR) الصادر عن الاتحاد الأوروبي، واصفًا إياه بالنموذج الدولي لحماية الخصوصية الرقمية، حيث يضمن للأفراد السيطرة على بياناتهم، ويُلزم المؤسسات بالحصول على موافقة صريحة قبل جمع أو استخدام أي معلومات شخصية. وأضاف أن هذا القانون مثّل نقطة تحول، منح بموجبها القانونيون أولوية وضع الأطر التنظيمية بدلاً من ترك هذه المهمة للمبرمجين فقط، لضمان التوازن بين الابتكار الرقمي وحقوق الأفراد.

وأوضح القبطان أن الجرائم المعلوماتية باتت تهدد جميع الأفراد، لأن كل شخص يحمل بيانات حساسة قد تكون هدفًا للاختراق أو الابتزاز، مشيرًا إلى أن بعض المخترقين يتبعون أساليب خفية، كالمراقبة السلوكية وتتبع المستخدم لفترات طويلة دون إظهار نشاط مباشر.

وشدد على ضرورة الحذر عند التعامل مع الأجهزة الذكية، محذرًا من وجود أجهزة تلفاز مزودة بكاميرات وتقنيات إنترنت الأشياء يمكن اختراقها بسهولة، مطالبًا بعدم وضعها داخل غرف النوم أو الأماكن الخاصة.

وفي حديثه عن الدليل الرقمي، أكد القبطان أنه يختلف جذريًا عن الأدلة الجنائية التقليدية، ويتطلب خبرات مزدوجة في القانون والتكنولوجيا لإثباته أمام القضاء، مشيرًا إلى أهمية تعزيز التعاون بين الجهات الأمنية والقانونية في هذا السياق.

كما تناول تقنيات الذكاء الاصطناعي، محذرًا من الاعتماد عليها بشكل أعمى دون التحقق من صحة البيانات المنتجة، داعيًا المستخدمين إلى تزويد هذه الأدوات بمعلومات موثوقة لتحسين نتائجها، لا لاستبدال المعرفة البشرية.

وفي ختام الندوة، وجّه القبطان عدة نصائح للوقاية من الجرائم الرقمية، منها: الاعتماد على أجهزة موثوقة المصدر، وتجنّب العروض المغرية من شركات مجهولة، وعدم إدخال البيانات الشخصية في مواقع غير آمنة. كما حذّر من رسائل البريد الإلكتروني المزيفة، مشيدًا بوجود منصات إلكترونية تساعد في فحص الروابط المشبوهة.

ولم يغفل القبطان أهمية التوعية الرقمية للأطفال، داعيًا الآباء إلى إشراك أبنائهم في برامج تدريبية متخصصة، ومثمنًا دور وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في توفير كورسات مجانية تعزز الوعي السيبراني لدى الأجيال الصغيرة.

يُذكر أن المستشار الدكتور عمرو شكري القبطان هو رئيس سابق لمحكمة الاستئناف، ويمثّل مصر في عدد من المنظمات الدولية المعنية بالأمن السيبراني مثل الإنتربول والويبو، وله مساهمات علمية وميدانية في تطوير منظومة العدالة الرقمية.

وتتواصل فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب حتى 21 يوليو، بمشاركة 79 دار نشر، وتقديم أكثر من 200 فعالية ثقافية وفكرية في الإسكندرية والقاهرة، بمشاركة قرابة 800 مثقف وباحث.