08 - 08 - 2025

"عيون العجائب".. علي بن تميم يفتح نوافذ جديدة على المتنبي من مكتبة الإسكندرية

ضمن فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، نظّمت المكتبة ندوة ثقافية لمناقشة كتاب "عيون العجائب في ما أورده أبو الطيب من اختراعات وغرائب" للدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، بحضور نخبة من المفكرين والباحثين المهتمين بالشعر العربي الكلاسيكي.

أدار الندوة محمد غنيمة، رئيس وحدة الوثائق بقطاع التواصل الثقافي بالمكتبة، وشارك فيها كل من الدكتور محمد سليمان، القائم بأعمال نائب مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور مدحت عيسى، مدير مركز ومتحف المخطوطات.

وفي كلمته الافتتاحية، رحّب غنيمة بالمفكر والباحث علي بن تميم، مشيدًا بإسهامه الثقافي المتميز، ومؤكدًا على أهمية الكتاب في إعادة قراءة المتنبي كرمز شعري لا يزال ينبض بالحياة ويستفز الخيال.

من جانبه، أعرب الدكتور علي بن تميم عن سعادته بالمشاركة في المعرض، مثمنًا الدور الثقافي لمكتبة الإسكندرية، ومؤكدًا أن كتابه ثمرة تأمل طويل في شعر المتنبي، الذي رغم كثرة الدراسات عنه، لا تزال جوانب خفية من شخصيته وتجربته الشعرية بحاجة لاكتشاف.

واعتبر بن تميم أن علاقته بالمتنبي بدأت من خلال بيت شعري بعينه:

"كم قتيلٍ كما قُتلتُ شهيدِ.. ببياضِ الطُلى ووردِ الخدودِ"،

مشيرًا إلى أن هذا البيت مثّل له مفتاحًا لفهم العالم الداخلي للشاعر الكبير.

وأوضح أن الكتاب يسعى إلى الكشف عن "الاختراعات الشعرية" التي تميز بها المتنبي، من خلال اختيار 40 بيتًا تمثل تجليات عبقرية في اللغة والصورة والمعنى، وتسهم في فهم كيف أعاد المتنبي تشكيل الرموز الشعرية التقليدية بقوالب جديدة مبتكرة.

وأشار إلى أن المتنبي لم يكن شاعرًا فحسب، بل مفكرًا سابقًا لعصره، تناول في شعره قضايا فلسفية وسياسية واجتماعية، وقدم تمثيلات غير نمطية للمرأة، بل كتب خمس قصائد أظهر فيها تمكينًا نادرًا في شعر العصر العباسي.

ومن بين الابتكارات اللافتة التي سلط عليها الكتاب الضوء، أن المتنبي كان أول من استخدم لفظ "الحصان" بدلًا من "الخيل"، حيث وردت الكلمة 15 مرة في ديوانه، ما اعتبره بن تميم ابتكارًا لغويًا متقدمًا في سياقه الزمني.

وفي مداخلته، أشاد الدكتور مدحت عيسى بالكتاب، مؤكدًا أنه يُعيد المتنبي إلى الواجهة من زاوية جديدة، ويقدم قراءة حداثية لشعره، موضحًا أن عنوان الكتاب نفسه يمثل مدخلًا مشوقًا لفهم رؤية المؤلف حول شعر الابتكار عند أبي الطيب.

وفي لحظة شعرية مؤثرة، عقد بن تميم مقارنة وجدانية بين لوعة المتنبي في رثاء جدته وبين قصيدة الشاعر محمود درويش "أحن إلى خبز أمي"، معتبرًا أن الشعر الحقيقي هو ما يتجاوز الزمان والمكان، ويلامس الجذور الإنسانية العميقة:

"أحنُّ إلى الكأس التي شربت بها.. وأهوى لمثواها الترابَ وما ضمّا".

وفي ختام الندوة، دعا الحضور إلى ضرورة إعادة قراءة التراث بعيون جديدة، وفتح أفق البحث عن الإبداع والاختراع في الشعر العربي، لا سيما لدى أعمدته الكبرى مثل المتنبي، الذي ما زال ديوانه حتى اليوم يشكل وثيقة أدبية وجغرافية وإنسانية فريدة.

ويُذكر أن الدكتور علي بن تميم حاصل على الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة اليرموك، ويشغل حاليًا رئاسة مركز أبوظبي للغة العربية، إلى جانب كونه الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، وقد تولى عدة مناصب ثقافية رفيعة في دولة الإمارات.

ويُشار إلى أن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يُقام بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين المصريين والعرب، بمشاركة 79 دار نشر، ويشهد أكثر من 215 فعالية ثقافية بمشاركة ما يزيد عن 800 مثقف ومبدع من مصر والعالم العربي.