21 - 07 - 2025

التحايل والنصب الإلكتروني فخ يقع فيه الضحايا

التحايل والنصب الإلكتروني فخ يقع فيه الضحايا

في زمن الثورة الرقمية والانفتاح اللامحدود على شبكات التواصل والمنصات الإلكترونية، ظهر نوع جديد من الجرائم، لا يحمل سلاحًا ولا يترك أثرًا ماديًا مباشرًا، ولكنه ينهش في عقول البسطاء قبل أن ينهب جيوبهم. إنه النصب الإلكتروني الذي بات ظاهرة مقلقة تهدد أمان المجتمع واستقراره، مستغلًا حاجة الناس، وسعيهم المشروع لتحسين أوضاعهم المعيشية.

منصات الإنترنت، التي كانت يومًا ما وسيلة للتقارب والتبادل المعرفي، تحوّلت اليوم إلى ساحة مفتوحة يعيث فيها المحتالون فسادًا، يبثّون سمومهم تحت مسميات براقة مثل "الربح السريع"، "الاستثمار الذكي"، "التداول الرقمي"، و"الوظائف من المنزل". ضحاياهم في الغالب من فئات بسيطة، يبحثون عن فرصة للهروب من واقع اقتصادي صعب، فيقعون فريسة لوهم الثراء السريع.

هؤلاء النصابون يتقنون فن الإقناع والخداع، يستخدمون لغة تسويقية قوية، وفيديوهات مزيفة لأشخاص يروّجون لتجارب نجاح مختلقة، ويعرضون أرباحًا خيالية لا تمتّ للواقع بصلة. ثم بمجرد أن يقع الضحية في الفخ، ويحول أمواله أو بياناته الشخصية، يختفي المحتال، تاركًا وراءه ضحية منهكة، تخجل حتى من الإبلاغ عما حدث.

لكن من المسؤول؟

لا يمكن تحميل الضحية وحده المسؤولية، فالإعلام بدوره قصّر تقصيرًا كبيرًا في أداء واجبه التوعوي. كان ينبغي أن تُخصص المساحات والبرامج لتحذير المواطنين من هذه الأساليب الخبيثة، وأن تُعرض نماذج حقيقية لضحايا النصب الإلكتروني، حتى تتسع دائرة الوعي المجتمعي. لكن، وللأسف، انشغل الإعلام ببرامج الترفيه والجدل، وغابت الرسالة التوعوية التي تُعد أحد أركان الإعلام الوطني المسؤول.

كما أن المؤسسات المعنية بالأمن الرقمي مطالبة بالتواجد بشكل أكبر في الفضاء الإلكتروني، من خلال حملات مستمرة، وتنسيق فوري مع منصات التواصل لإغلاق الصفحات المزيفة، وتتبع أصحابها قضائيًا، وفرض تشريعات حازمة تجرّم هذا النوع من الاحتيال.

رسالة إلى أبناء الطبقة العاملة والشباب الباحثين عن فرص:

لا تصدقوا من يبيع لكم الأحلام مقابل نقرة زر. المال لا يأتي بلا جهد، والكسب المشروع لا يُعلن عنه في إعلانات ممولة على فيسبوك أو تيك توك. احذروا، واستشيروا قبل اتخاذ أي قرار مالي، وتأكدوا من مصادر الفرص التي تُعرض عليكم.

المعركة مع المحتالين الإلكترونيين لا تُحسم فقط بالقانون، بل بالوعي، وهذا هو السلاح الأهم. لنحمِ أنفسنا وأبناءنا بالتثقيف والتفكير النقدي، ولنطالب بدور إعلامي حقيقي يواكب تطور الجريمة الإلكترونية، لا يكتفي بدور المتفرج.
-------------------------------
بقلم: محمد عبدالمجيد هندي

مقالات اخرى للكاتب

التحايل والنصب الإلكتروني فخ يقع فيه الضحايا