في وقت يعاني فيه الكثير من ضيق الحال وتكالب الظروف الاقتصادية، ظهرت من جديد – أو بالأحرى لم تختفِ يومًا – ظاهرة "شيوخ جلب الأموال والأرزاق"، هؤلاء الذين يروجون لأنفسهم بأن لديهم "بركات" خارقة وقدرات "روحانية" تفتح أبواب الرزق المغلقة، وتجلب المال وتفك الكرب، بشرط واحد: أن تدفع أولاً!
ما يحدث ليس مجرد خداع عابر، بل أصبح تجارة مربحة تمارس تحت عباءة الدين، وتستغل آلام الناس وضعفهم، فتنهب منهم ما تبقى في جيوبهم، وتبيع لهم الوهم في زجاجات من ماء غير مقروء عليه، وأحجبة لا تسمن ولا تغني من فقر.
الصدمة الأكبر ليست في هؤلاء المتاجرين بالدين، بل في أعداد الناس الذين يهرولون خلفهم، يدفعون دون تفكير، ويصدقون دون دليل. أين عقولكم؟ كيف تقبلون أن تدفعوا مالاً لإنسان مثلكم – وربما أفقر منكم – كي "يجلب" لكم ما لم يستطع أن يجلبه لنفسه؟
الله عز وجل يقول في كتابه الكريم:
"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62]
فهل هناك وعد أوضح من هذا؟ الجأوا إلى الله، وادعوه بصدق، واطلبوا منه الرزق، فهو الكريم الذي لا يُخيّب من طرق بابه بإخلاص.
الرزق لا يُجلب بتعليق ورقة على الجدار، ولا بتكرار طلاسم لا يُعرف أصلها، ولا بوضع "عمل" تحت وسادتك. الرزق يُجلب بالعمل، بالدعاء، بالسعي، بالتوكل، وليس بالتواكل.
آن الأوان أن نُحرّر عقولنا من أسر الجهل، ونمنع المتاجرين بالدين من اللعب بعواطفنا ومخاوفنا. الدين ليس سلعة، والله ليس وسيطًا بينك وبينه أحد.
من يدّعي امتلاك مفاتيح الغيب، فليبدأ بنفسه، وليجلب لنفسه القصور والأموال. أما نحن، فعلينا أن نوقن أن الأرزاق بيد الله وحده، وأن لا ندفع قرشًا لمن يبيع لنا الوهم في زجاجة!
------------------------------
بقلم: أحمد صلاح سلمان