18 - 07 - 2025

سويسرا تحظر فرع "غزة الإنسانية" وأطباء بلا حدود تصفها بـالمصائد القاتلة

سويسرا تحظر فرع


قررت الهيئة المشرفة على رقابة المؤسسات في سويسرا حل ّفرع جنيف لمؤسسة غزّة الإنسانية التي تدير آلية مساعدات مثيرة للجدل في قطاع غزة، ورغم اعتباره قرارٌ رمزي ولكنه مهم في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى عودة النظام الأممي للإشراف على توزيع المساعدات. 

وأعلنت الهيئة الفدرالية للرقابة على المؤسسات (ASF)، حلّ فرع جنيف لمؤسسة غزة الإنسانية (GHF). وقد اُتّخذ هذا القرار لأن المنظمة “لم تمتثل لمختلف الالتزامات القانونية”، حسبما أفادت هيئة الرقابة، التابعة لوزارة الداخلية الفدرالية (DFI)، نقلا عن وكالة الأنباء السويسرية (Keystone-ATS). 

وقد كانت المؤسسة التي يوجد مقرها الرئيسي في ولاية ديلاوير بالولايات المتحدة، قد قيّدت في سجّلها في بداية العام فرعًا غير مُشغّل في جنيف، لأسباب مالية. ورصدت الهيئة المكلفة بالرقابة على المؤسسات عدة نقائص، منها عدم وجود أيّ عضو من أعضاء مجلس المؤسسة، مقيمٍ أو مخوّلٍ، بالتوقيع في سويسرا، وأنها لا تملك حساباً بنكياً في البلد، ولا عنوانًا معلنا

ومع ذلك، لن يكون لهذا القرار أيّ تأثير على عمليات المنظمة في غزة. هذا ما أكدّه مدير مؤسسة غزة، جوني مور، رجل الدين الإنجيلي المقرّب من الرئيس دونالد ترامب، خلال زيارة له إلى بروكسل. وأضاف أن المؤسسة “سوف لن تغلق أبوابها”، رغم الانتقادات الموجهّة إليها. 

ويرى فيليب جرانت، مدير منظمة “ترايل إنترناشيونال” (TRIAL) غير الحكومية التي يوجد مقرها في جنيف، أن حلّ الفرع السويسري كان “حتمياً” نظراً لعدم امتثاله لالتزاماته. 

وتقدمت منظمة “ترايل إنترناشيونال” بالشكوى مرتين إلى السلطات السويسرية، في أوائل شهر مايو، تدعو فيهما إلى التحقيق في نشاطات مؤسسة غزة الإنسانية، والتأكد ما إذا كانت لا تخالف القانون السويسري، والقانون الدولي الإنساني، ما زاد من الضغط على الحكومة

وكشف جرانت أن “الإجراءات المتخّذة في الولايات المتحدة هي وحدها الممكن أن يكون لها تأثيرٌ ملموس على عمليات المؤسسة في غزة”. وإلى حد الآن، لم تُنفّذ أيٌّ من تلك الإجراءات هناك، ولكن هناك جهود قانونية جارية حالياً في البلد للضغط على المنظمة

ويقول ستيفن كورنيش، المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود (MSF) في سويسرا، إنه “يرحّب بقرار السلطات السويسرية” حل مؤسسة غزة الإنسانية، مضيفاً أن ذلك يعدّ “إشارة سياسية مهمّة تتفق مع المبادئ الإنسانية التي تدافع عنها سويسرا منذ القدم”. 

ويعتبر أن نقاط التوزيع التي تشرف عليها المؤسسة هي “مصائد قاتلة متنكّرة في زيّ مساعدات إنسانية”، ما يفرض على “المدنيين والمدنيات الاختيار بين أمرين، أحلاهما مرٌّ: المخاطرة بالموت جوعاً، أو المخاطرة بالموت رمياً بالرصاص”. 

نظام جديد مثير للجدل  
منذ نهاية شهر مايو، وبدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، بدأت مؤسّسة غزة الإنسانية تشغيل نظام جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بدلا عن النظام الذي كانت تتولى إدارته وكالات الأمم المتحدة، خاصة الأونروا، والمنظمات غير الحكومية الأخرى. ويشغّل هذا النظام أربعة مراكز لتوزيع المواد الغذائية، تقع في مناطق عسكرية، ويديرها متعاقدون أمريكيون مسلّحون. 

وقوبلت هذه الآلية بانتقادات واسعة من قبل المجتمع الإنساني الذي ترفض الأطراف الفاعلة الرئيسية فيه التعاون مع المؤسسة المذكورة. فيما تهدف إسرائيل، بحسب ما أعلنته، منع تحويل المساعدات الإنسانية من قبل الجماعات المسلحة مثل حماس

ومن المهم الإشارة إلى فرض إسرائيل حصارًا إنسانيًا على القطاع منذ بداية شهر مارس، إذ منعت دخول قوافل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الضروريات. ونتيجة لذلك، أصبح سكان غزة مهددين بالمجاعة، ويواجه النظام الصحي خطر الانهيار. ومنذ إطلاق مراكز التوزيع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، لم يتم رفع الحصار إلا بشكل جزئي

وفي الأسابيع الأخيرة، قُتل أكثر من 500 شخص من الباحثين والباحثات عن الطعام بالقرب من مواقع التوزيع التابعة لهذه المؤسسة المثيرة للجدل، بينما أصيب حوالي أربعة آلاف شخص بجروح، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة. 

انتقادات دولية  
وفي الأثناء، دعت أكثر من 170 منظمة غير حكومية دولية، إلى تفكيك نظام المساعدات الذي تسيطر عليه مؤسسة غزة الإنسانية، واستبداله بآلية التنسيق القديمة التابعة للأمم المتحدة.

كما وقّعت حوالي عشرين دولة أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا، على رسالة في منتصف شهر مايو، تدعو إلى رجوع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى تولي تنظيم المساعدات. ولم توقّع سويسرا على الرسالة بدعوى وجود إجحاف في حق المؤسسة.

وقال وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس، في أعقاب زيارته للشرق الأوسط يومي 10 و11 يونيو الماضي، إن المؤسسة “أصبحت غير موثوق فيها لأنها لا تحترم المبادئ الإنسانية”، لكنها “بدأت تتعلّمها”. 

استقالات  
وأشار تحقيق بثته قناة البث الإذاعي والتلفزيوني السويسري الناطقة بالفرنسية (RTS) ، إلى تعرّض الممثّل السويسري لمؤسسة غزة، للتضليل من قبل شركاء أعمال أجانب، تواصلوا معه دون تزويده بجميع المعلومات الخاصة بحيثيات خطة المؤسسة. وعلى إثر ذلك، انسحب المحامي السويسري ما أدى إلى حلّ الممثلية السويسرية. 

وفي الولايات المتحدة أيضًا، أدّت المخاوف من عدم الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد وعدم التحيّز والاستقلالية إلى انسحاب عديد من الأشخاص على رأس المؤسسة، من ضمنهم مديرها جيك وود، وهو عسكري سابق شعر بالخيانة. كما سحب المكتب الاستشاري “بوسطن كونسلتينج غروب    (Boston Consulting Group)  تفويضه لدعم العمليات، على خلفية تزايد الانتقادات.