16 - 07 - 2025

يا وزير الصحة.. «التأمين الصحي».. خدمة مريضة تُرهق المواطن بدلاً من أن تُداويه

يا وزير الصحة.. «التأمين الصحي».. خدمة مريضة تُرهق المواطن بدلاً من أن تُداويه

في تقرير سابق، نقلتُ استغاثات أهالي جنوب الجيزة إلى الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، مناشدين تدخّله لرفع المعاناة عنهم في الحصول على حقوقهم العلاجية في مكان قريب عن طريق عودة التعاقد بين هيئة التأمين الصحي ومستشفى الحوامدية.

لكن – وعلى غير المعتاد – لم يصلني أي رد إلى الآن.

وعندما توجهتُ بسؤال مباشر إلى المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، لم أجد ردا !.

لذلك، أكتب هذا المقال اليوم، لا بدافع الغضب، بل إيمانًا بمسؤوليتي المهنية وامتثالًا لما يُمليه عليّ ضميري الصحفي، ثم أرفع الأمر إلى الله،

"إن الله بصير بالعباد."

رغم ما تبذله الدولة من جهود حثيثة في ملف تطوير القطاع الصحي والانتقال إلى منظومة رقمية متقدمة تخفف عن كاهل المواطن، إلا أن هيئة التأمين الصحي لا تزال تمثل واحدة من أكثر الهيئات جمودًا في التعامل، محافظًة على روتينها المرهق، وتعاملاتها الجافة خارج نطاق خطة الدولة الحديثة، وكأن معاناة المرضى جزء من شروط الخدمة، فالمريض فيها لا يُعامل كمواطن له حق، بل كمشكلة يجب التخلص منها بأقل قدر من الجهد!

الأزمة ليست في نقص الموارد، ولا حتى في الضغط المتزايد على المستشفيات – وهو أمر مفهوم – بل عن عقلية إدارية لا تسعى للتيسير، وتتجاهل أبسط قواعد الرحمة، ولا ترى في المواطن سوى رقم ملف أو إجراء روتيني معقد.

فبدلًا من أن تُيسّر، تُعقّد... وبدلًا من أن تُخفّف، تُرهق.

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن التحول الرقمي وتسهيل الإجراءات، يُجبر المواطن – خصوصًا كبار السن وأولياء الأمور – على قطع مئات الكيلومترات ذهابًا وإيابًا لمجرد الكشف و استخراج  "جواب تحويل" لإجراء عملية بسيطة، مع أن هناك حلولًا بديلة وموجودة بالفعل في أرض الواقع.

خذ مثلًا ما حدث في منطقة جنوب الجيزة ـ كانت هناك تجربة ناجحة وهي التعاقد بين الهيئة ومستشفى الحوامدية العام، كان يخدم مناطق واسعة بداية من العياط مرورا بالبدرشين والحوامدية وأبو النمرس، مما خفّف عن كاهل المرضى، خاصة كبار السن وأولياء الأمور، الذين لا يستطيعون تحمل مشقة التنقل.

لكن الهيئة – وبدون مبررات واضحة – ألغت هذا التعاقد، ليُجبر المواطن على السفر مئات الكيلومترات من أجل الحصول على جواب تحويل أو موافقة على جراحة ليكمل باقي الاجراءات تباعا!

التعاقد تم إلغاؤه بشكل مفاجئ وبدون توضيح، ليجد المواطن نفسه مضطرًا للسفر لمستشفى أخرى في مدينة أكتوبر من أجل إجراء الحصول على تحويل لإجراء عملية "لوز" لطفل أو جراحة عيون لمسن!

ما المنطق في هذا؟

أين الرأفة بالمريض؟

أين العدالة في توزيع الخدمات؟

الأكثر قسوة، أن كل هذا يحدث مع أشخاص اقتُطع من رواتبهم لسنوات طويلة من أجل الحصول على خدمة صحية محترمة عندما يتقدم بهم العمر، فإذا بهم يُقابلون بطريقة خالية من الإنسانية ومراعاة تأخر العمر .

المفارقة المؤلمة أن ذلك يحدث في دولة تبني منظومات رقمية وتسابق الزمن في ميكنة القطاعات، بينما تظل هيئة التأمين الصحي حبيسة الماضي، ترفض التطوير، الكلي وتعاقب المواطن على مرضه.

إننا لا نطلب المستحيل ولا المعجزات

نطالب فقط بحق المريض في الكرامة، في خدمة قريبة، مع إجراءات آدمية،منظمة، متاحة في نطاقه الجغرافي، دون إذلال أو سفر أو إهانات مكتبية

نطالب بإعادة النظر في السياسات العقيمة التي تحكم بعض قرارات الهيئة، والعودة إلى التعاقدات التي أثبتت نجاحها على أرض الواقع حتى يكون نظاما صحيا يُداوي ولا يُعذِّب.

إن المريض المصري المشترك في خدمة التأمين الصحي  يستحق أكثر من ذلك.

ويكفيه ما يعانيه من مرض و ألم وقلق حتى لا نضيف عليه رحلة عذاب بيروقراطية.

فهل من مستجيب ؟
-----------------------------
بقلم: 
أحمد صلاح سلمان

مقالات اخرى للكاتب

يا وزير الصحة.. «التأمين الصحي».. خدمة مريضة تُرهق المواطن بدلاً من أن تُداويه