14 - 07 - 2025

ضوء | سرطان الطائفية

ضوء | سرطان الطائفية

كيف يُشعل الصهاينة الصراعات الدينية والطائفية في بلد ما؟ في مصر مثلًا لا يمكن أن تفرّق بين المصري المسيحي والمسلم، وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن، كانت تعيش كل مكونات المجتمع في محبة وسلام، كيف استطاع الصهاينة تأجيج الصراعات بين الشعب؟ الصديقة العراقية إيمان العبيدي، تروي تجربتها بحرقة قائلة:

"الطائفية غير موجودة إطلاقاً بين الشعب العراقي المظلوم، فهم متآخون متحابون منذ القدم، ونتبادل الزيارات بيننا دوماً، لكن الخلايا الإرهابية الصهيونية، وخاصة الموساد السري المتغلغل الذي دخل مع الجيش الأمريكي المحتل، كان يقتل أشخاصًا من طائفة معينة ويتهم الأخرى، كما يهين بعض الصحابة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويثير اتهامات كاذبة بأن الطائفة الأخرى هي من فعلت ذلك، فتنشأ الفتن والصراعات بين العراقيين، إضافة إلى ترويج مخدرات خطيرة تؤدي إلى الجريمة وتفكك الأسر، مثلاً تجعل الأب أو الابن يقتل عائلته ثم ينتحر".

وليس اعتباطًا عندما يضع الصهاينة المخدرات في الطحين المغمّس بالدم في غزة.

ونفس السيناريو يتكرر في مصر وسوريا ولبنان، الموساد يقتل المسيحيين ثم يتهم المسلمين، أو يقتل الشيعة ثم يتهم السنة، والعكس صحيح، وهكذا ينفذ الصهاينة خططهم في سوريا واليمن والسودان والجزائر والمغرب وتونس وغيرها، لتأجيج الصراعات بين الشعب العربي، وحتى الدول الإسلامية لم تسلم من التأجيج الديني، كالهند وباكستان وإيران، والبوسنة والهرسك، فهي شبكة صهيونية عالمية، تستمد قوتها من تفرّق الدول وشعوبها، وخاصة الدول العربية والإسلامية.

"وحتماً لدى الكثير من المثقفين، وربما حتى البسطاء من العراقيين، الوعي بتورط الموساد وأمريكا، لترويج ليس الطائفية والفتن والحروب والمخدرات فحسب، بل أيضا نشر الفساد المالي وسرقة المال العام خاصة، وذلك برفع رواتب السياسيين إلى مستويات خيالية، لكي ينهبوا المال العام من فقراء العراق، ولإيقاف تقدم العراق ونهضته لصالح الكيان الصهيوني".

لكن الجهل أحيانًا يتغلب على الوعي، أو ردة الفعل على الجريمة تصبح أسوأ من الجريمة نفسها.

وتتابع الصديقة العراقية قائلة: "كان لتجربتي الخاصة دور في اهتمامي بالوضع السياسي، فلقد استشهد أخوتي الثلاثة في حروب الموساد الخفية، وبأيدي داعش، وهو صناعة صهيوأمريكية، وعلى إثر ذلك توفى من تبقّى من عائلتي، بأمراض السكرى والسرطان والقلب، من شدة الحزن والألم، فبقيت وحدي، وأصبحت أُشبه غزة، وحيدة فقدت أهلها ومن يدعمها، وقد أصبت بصدمة بالغة، وهذا ما دفعني للكفاح ضد الصهاينة وأمريكا والغرب الإرهابي، هم سبب مأساتي ومأساة الكثير من العراقيين مثلي".

وتتابع قولها: "إن تغيير واقع العراق أمر صعب، لوجود تمويه وكذب وشائعات، تديرها أجندات صهيوأمريكية قذرة، تستغل وتًشعل الطائفية بل وتخلقها، وأعتقد إن الحروب الطائفية موجودة في كل الدول العربية والمسلمة، فمثلاً في السودان حروب مستمرة، قسمت البلاد وأضعفته مع إنه أغنى بلد عربي، والحال نفسه لكن بأشكال أخرى تحاول تلك القوى تغيير واقع مصر واليمن وسوريا ولبنان، لإضعاف العالم العربي والإسلامي، وما يشجعها على ذلك أن تلك الدول غير متحدة، وبما أن الاتحاد قوة، وهو مفقود، لذلك نصبح فريسة سهلة للصهاينة وأمريكا والغرب، لنهب ثرواتنا وتقسيم بلادنا العربية كلها".

المشكلة عندما تنشب الطائفيّة أنيابها وأظافرها في مجتمع ما، فمن الصعب شفاؤه والتغلب عليها، لكن بالنضال والوعي يصبح الصعب ممكناً. فهل من الممكن أن تتعافى مجتمعاتنا العربية من سرطان الطائفية؟
-----------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | سرطان الطائفية