حريق سنترال رمسيس، ليس مجرد حريق في سنترال، مرَّ كغيره من الحوادث التي تقع في مصر يوميًّا.. الحادث فجَّر كثيرًا من التساؤلات، وأظهر ضغوطًا قديمة، من زمن فات، وكشف عن مُحاولات، مُستمرة من أيام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك..
لم تتوقف أمريكا عن محاولاتها المُستَمِرة بلا يأس أو مَلل، للسيطرة على منظومة الاتصالات في مصر، والتحكم فيها، من خلال تقديم تقنيات حديثة وقتها، تنفذها شركات أمريكية، بمعونات من الحكومة هناك. وفَطِنت أجهِزتُنا لأهداف تلك العروض وإغراءاتها، وأبلغوا الرئيس مبارك، الذي أمر بتجاهل تلك الاغراءات الخاصة بالمساهمات المادية والتقنية، لبناء ما أسموه - وقتها - منظومة مراقبة مركزية ذكيَّة، تسمح "لهم" بالتحكم فيها ومراقبتها، وتوفر إمكانية تعطيلها "ريموتلي" عن بعد.. وتبين لأجهزتِنا الأمنية أنَّ تلك الإغراءات، تُعرَض علينا، ضمن خطة أمريكية، تهدف إلى إخضاع عدد من الدول، منها مصــــر، لمؤسسات وشركات وثيقة الصلة بالمخابرات الأمريكية. ويتم تسويق مشروعات تلك المؤسسات والشركات، بتقديمها على أنها مشروعات لحماية وتطوير الشبكات، وتقديم الدعم الفني، وإنشاء بنية رقمية "متطورة"، كما هو مُنفذ في عدد من الدول الكبرى المتقدمة تقنيًّا. وهي في حقيقتها مشروعات - رغم أهميتها للدول - إلا أنها في النهاية تضع كل أسرارها ومواطنيها تحت أعين الأمريكان.
وهذه المشروعات المقترح تنفيذها في مصــــر، تَكرَّر عرضها على الحكومات المصرية المتعاقبة بإلحاح، في صورة معونات أمريكية لتطوير البنية الأساسية. ولم تتوقف هذه العروض على مدار عقود مضت..
والآن ظهرت أصوات لمن يدَّعون العلم، تُطالِب بخصخصة مشروعات شبكات الاتصالات والمعلومات، والتحكم فيها، وفتح الباب أمام الشركات، لإنشائها وإدارتها، بدلًا من حصرها في يد الشركة المصرية للاتصالات المملوكة "للدولة". كما ظهرت حملة تُضَخِّم - على غير الحقيقة - حادث الحريق، وتُسفِّه من الإجراءات المُتَّخَذة، وتخوِّف مِنْ تبِعاته، وتدعو إلى رفع يد الدولة عن احتكار تنفيذ مشروعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتقديم خدماتها.
ونأمل ألا يكون حادث حريق سنترال رمسيس، وسيلة خبيثة، لقبول الضغوط الداخلية، وأيضًا الخارجية، وخلق مناخ عام يقبل ما رفضناه من ثمانينات القرن الماضي..
الموضوع جد خطير، وليس مجرد حادث حريق.. فلا تصدقوا مَنْ يَنْفون "المؤامرة" وينكرونها. فهم إمَّا مُغرِضون، أو لا يعلمون حقيقة الأمور.
انتبهوا! انتبهوا! انتبهوا!
-------------------------
بقلم: أحمد بكير