تشهد أوروبا في ظل ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تراجعا في الدعم الأمريكي، إذ تفضل الإدارة الأمريكية الحالية التركيز على الصين وترك أوروبا، فيما تستغل روسيا روسيا ذلك الوضع لتحقيق أهدافها في أوكرانيا، والذي قد يصل لإعادة رسم خريطة أوكرانيا بحسب وكالات الأنباء. وأوضح الخبراء أن روسيا تتحول من الدفاع إلى الهجوم متوسط المدى، مستغلة انشغال واشنطن بوقف إمدادات السلاح لكييف، لتوسيع سيطرتها على الأقاليم الأربعة وبناء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية، فيما لم تعد روسيا تعتبر الحرب مجرد صراع حدود، بل اختبار وجودي طويل الأمد. واستهدفت الضربات الروسية الأخيرة منشآت عسكرية ولوجستية أوكرانية تمثل رسالة حازمة بأن موسكو عازمة على تحقيق أهدافها العسكرية، دون الاكتراث بتصريحات الغرب أو الدعم المستمر لأوكرانيا. فعلى مدى الأسبوع الماضي شنت روسيا هجمات واسعة تستهدف توسيع سيطرتها على الأقاليم الأربعة التي احتلتها بعد عام 2022، إضافة إلى تعزيز نفوذها في شرق وجنوب أوكرانيا وبناء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية، الأمر الذي يعكس جدية موسكو في تحقيق أهدافها العسكرية ضمن ما تسميه "العملية العسكرية الخاصة"، وهو ما أكده بوتين لترامب خلال المكالمات الهاتفية التي جمعتهما قبل أيام، بأن روسيا لن توقف الحرب إلا وفق شروطها الاستراتيجية. وأشار الخبراء إلى أن الواقع الميداني قد يختلف عن الخطاب السياسي، فبالرغم من تمسك الكرملين بأحقيته في الأقاليم الأربعة واحتفاظه بشبه جزيرة القرم، هناك خطط عسكرية للتقدم جنوبا نحو مدينة أوديسا وشمال الشرق باتجاه مدينة سومي. وتبذل موسكو جهودا كبيرة لإنهاء المرحلة الأولى من خطتها العسكرية خلال الصيف الحالي، تمهيدا للانتقال إلى المرحلة الثانية بعد الخريف، والتي ستشمل الزحف إلى مناطق جديدة خارج الأقاليم الأربعة مع استمرار استهداف العاصمة كييف ومدن غرب أوكرانيا. وعلى صعيد أوكرانيا، فإن زيلينسكي واقع بين خيارين إما تقسيم أوكرانيا على غرار ما حدث في برلين، أو مواصلة القتال حتى تدمير ما تبقى من البلاد وفقدان المدن الشرقية والجنوبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إنهاك الجيش وربما نشوء تمرد أو انقلاب داخلي، وهذا ما يفسر التغييرات المستمرة في رئاسة أركان الجيش الأوكراني والقيادات العسكرية العليا، إذ يسعى زيلينسكي لمنع تشكل مجموعات موالية داخل المؤسسة العسكرية قد تُستخدم لاحقا ضده. وأكد الخبراء أن الاستراتيجية التي تتبعها روسيا الآن جاءت بسبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول وتأجيل الجولة الثالثة، كما أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الغرب أعلنوا مرارا استمرارهم في تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وهو ما اعتبرته موسكو مبررا لتغيير استراتيجيتها التفاوضية والتوجه نحو تصعيد واسع، في رسالة عسكرية واضحة مفادها أنه إذا لم يكن هناك خيار للحل السياسي، فالحسم سيكون عسكريا. واستهدفت الضربات الروسية الأخيرة مطارات عسكرية ومنشآت لوجستية وسككا حديدية تُستخدم في نقل الأسلحة الغربية إلى الداخل الأوكراني، مؤكدا أنها رسالة واضحة لواشنطن وحلفائها بأن روسيا مستعدة للتصعيد إذا استمر الدعم العسكري لكييف، ويرى الخبراء أن موسكو لم تعد ترى أن الدعم العسكري الغربي سيغير مسار الحرب، معتبرا أن الرد الروسي هو "تدمير هذا السلاح قبل أن يُستخدم".
إهمال أمريكا لأوروبا وتوجهها للصين يفسح المجال لتحقيق أهداف روسيا في أوكرانيا
