أن يكون للجهد ثمرة، تشرئب إليها الأعناق، وتتطلع إليها الأنفس، فهذا ما يدفع المرء لأن يشمّر عن ساعد الجد، ويبذل قصارى جهده لينال هدفه المنشود، وغايته المقصودة.
أمّا أن يذهب جهد المرء أدراج الرياح، ويضيع عليه عناء سنين من المذاكرة والبحث، فهذا هو الغبن بعينه، الذي لا يرتضيه أيُّ مسؤول، أنيط به تذليل العقبات لا وضع العراقيل .
كنسمة صيف في يوم قائظ، تأتي مسابقة الـ30 ألف معلم، التي تُعلن عنها وزارة التربية والتعليم، بين فترة وأخرى؛ لتُثبت أن مصر لم ولن تتخلى عن أبنائها الخريجين، فمتى سنحت الفرصة، كانت يد العون ممدودة للجميع .
ولا أنكر أنّ هذا كان منهج وزارة التربية والتعليم، بناء على توجيهات الحكومة والقيادة السياسية على مدى سنوات طويلة، دون تفريق بين خريج وآخر، أو جامعة وأخرى، ما داموا يخضعون لنفس اللائحة، ولكن - وللأسف - بقاءُ الحال من المحال، وكثيرا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فخلال المسابقتين الأخريين لاختيار الـ30 ألف معلم، تم استبعادُ خريجي أقسام الدراسات الإسلامية بكليات الآداب على مستوي الجمهورية من الفئات المستهدفة لسدّ العجز في المدرسين، علما بأن هؤلاء الخريجين (المغضوب عليهم)، والأقسام المناظرة: ( الآداب قسم اللغة العربية، والتربية، وكذلك خريجو الأزهر)، الذين شملهم قرار المسابقة، يخضعون لنفس اللائحة، وهذا ما تنعّموا به - بالفعل - على مدى سنوات مضت، دون أن يكون هناك خيار وفقوس !
ولأنه لا يضيع حق وراءه مُطالِب، بذل هؤلاء الخريجون المستبعدون ما في الوسع، ولجأوا لوزارة التربية والتعليم؛ لتدارك الأمر، وإدراجهم أسوة بأقرانهم ضمن الفئات المستهدفة بالمسابقة، فأحالتهم الوزارة لجهاز التنظيم والإدارة بحجة أنه الجهة المنوط بها اختيار الخريجين المستهدفين لسد العجز، وليس وزارة التربية والتعليم، وبرجوعهم للتنظيم والإدارة، ألقى هو الآخر الكرة في ملعب الوزارة، وظل الخريج المستبعد ( كعب داير) بين التنظيم والإدارة والوزارة دون جدوى .
الغريب أنّه في محاولتي ككاتب صحفي، لجأ إليه هؤلاء الخريجون لمدّ يد العون لهم، أخبرني أكثرُ من مسئول بوزارة التربية والتعليم أنه سيتم تدارك الأمر، وتعديل منشور المسابقة، ولكن النتيجة (محلّك سر)، مع بقاء خريجي أقسام الدراسات الإسلامية بكليات الآداب، والذين أطيح بهم بجرة قلم بعيدين عن جنة الـ30 ألف معلم المفقودة .
والسؤال لوزارة التربية والتعليم : هل هذا جزاء خريج جدّ ونجح، واستشرف فرصة عمل، تعوضه عن تعب وجهد سنين ؟
هل هذه هي مكافأة الدولة لخريج لم يطمع في أكثر من حقه، ويطالب بأن يعامل كأقرانه ممن يخضعون لنفس اللائحة ؟
هل هذه هي رعاية الدولة لثروتها البشرية ضمانة التقدم والنهضة المنشودة ؟
أسئلة تبحث عن إجابة .. وخريجون ينشدون العدالة، ويتطلعون لأن تبصرهم عين راحم !
--------------------------
بقلم: صبري الموجي
* مدير تحرير الأهرام