في مصر الآن ..
لا تنظر لكريمة المجتمع من أناس يعيشون في الشقق الفاخرة أو الفيلات، أو في كومباوندات ما أنزل الله بها من سلطان.. علي طول مصر وعرضها في الساحل الشمالي الغربي الشرير، أو الساحل ما بعد الشرير.. الذي يبنونه بهمة ونشاط .. وتتراوح فيه ثمن الشقة المتواضعة من 8 ملايين جنيه مصرى مسكين وانت طالع.
لا تنظر إلي من أكلوا المال السحت وتاجروا بالبشر والحجر واكتنزوا الملايين بغمضة عين .
ولا تنظر لمقاولي غسيل الأموال.. الذين يجوبون مدن مصر ويعرضون الملايين التي لا حصر لها لشراء بيتي أو بيتك، تحسبا لمستقبل يرفع أسعارها لأضعاف مضاعفة .. وبمساندة قوانين، تعطى للغني الكثير، وتسلب من الفقير اعز ما يملك .. وهو مسكنه الآمن.
لا تنظر لحيتان رفع الأسعار دون مبرر، ولا تنظر لطبقات من المجتمع من فنانين ولاعبي كرة .. علي رأى اسماعيل يس: في ناس بتكسب ولاتتعبش . وناس بتتعب ولا تكسبش .
بل انظر ..
إلي أصحاب المعاشات الذين أكل عليهم الزمان وشرب، ودارت عليهم الحكومات منذ مولدهم. ومعاناتهم اليومية في توفير لقمة عيش حلال .. مغموسة بالشقاء وأمراض الدنيا والآخرة .. في انتظار جنيهات قليلة .. لاتغنى ولا تسمن من جوع .
وانظر لشباب قادم .. أقفلت في وجهه كل سبل النجاح والمكسب الشريف .. وسط حاضر مبهم .. ومستقبل لا يعلمه إلا الله .
وانظر لملايين المطلقات و اللاتى فقدن أزواجهن .. في مواجهة حياة لاترحم . وفواتير لا يتحملها بشر .
وانظر قبل كل هؤلاء إلي نفسك .
لقد كافحت وناضلت وعافرت ودخلت في مبارزة غير متكافئة مع الحياة .
لقد جربت جرى الوحوش . وحتى نصيبك لن تحوش.
لقد نظرت لغيرك وهو يصعد سلالم الثروة والجاه . وأنت محلك سر .
كنت مثاليا ومازلت.
تعتقد أن الحياة رمشة عين . وبعدها حياة .
ولكنك لم تنظر مثل ملايين غيرك . لنصف الكوب الآخر .
لم تنظر .. لحياة يعيشها مصريون مثلي ومثلك معدومى الموهبة والعلم .. يعيشون جنبا إلي جنب مع امثالك .. ولكن شتان الفرق .. يخرجون لك ألسنتهم وحالهم يقول لك .. أنتم طبقة ونحن طبقة .
والعين لاتعلو أبدا علي الحاجب .
اتغطى يا صديقي ونام .
فالنوم رحمة .. لأمثالك .
-------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]