لم تعد الأحزمة النارية والقصف الجوي والبحري ودانات المدفعية والدبابات والعلميات العسكرية البرية كافية لإبادة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، رغم أنها حصدت أرواح 56,500 شهيد وأدت لإصابة 133,419 فلسطينيا منذ السابع من أكتوبر 2023، وذلك وفقاً لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، والتي أوضحت أن حصيلة الشهداء والاصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت (6,175 شهيد، 21,378 اصابة) لم تقنع الاحتلال الإسرائيلي وشريكه الأمريكي، فبحث عن وسائل أخرى داعمة للإبادة فكانت المخدرات ومركز المساعدات الأمريكي الإسرائيلي وسيلة جديدة لإبادة الشعب الجائع.
ذلك ما كشف عنه المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني بقطاع غزة، فقد وثق المركز عثور المواطنين على أقراص مخدرة من نوع " Oxycodone" (أوكسيكودون) داخل أكياس الطحين التي وصلتهم مما تُسمى "مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، المعروفة باسم "مصائد الموت"..
وحذر المكتب الحكومي في بيان له ـ أطلعت عليه المشهد ـ من خطورة احتمال طحن بعض هذه المواد المخدرة أو أُذابتها عمداً في الطحين ذاته، ما يرفع من حجم الجريمة ويُحولها إلى اعتداء خطير يستهدف الصحة العامة للفلسطينيين بشكل مباشر.
وناشد المكتب المواطنين بقطاع غزة بعدم الذهاب لمراكز المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية، لأنها لم تعد مصائد فقط، ولكنها باتت مصدر خطورة على حياتهم، داعياً المواطنين إلى الحذر وتفتيش المواد الغذائية القادمة من هذه المراكز المشبوهة، والتبليغ الفوري عن أي مواد غريبة، كما حثّ العائلات على توعية أبنائها بخطورة الذهاب لهذه المراكز والمواد المخدرة، ونؤكد أن اليقظة المجتمعية هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذه المحاولات الخبيثة.
وأكد المكتب أن استخدام الاحتلال الإسرائيلي المخدرات كوسيلة ناعمة في حرب قذرة ضد المدنيين، واستغلال الحصار لإدخال هذه المواد ضمن "مساعدات ومعونات"، لنشر الإدمان وتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل، يُعدّ جريمة حرب وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني.
ويعد "أوكسيكودون" (Oxycodone) من أقوى أنواع المُسكّنات الأفيونية، ويُستخدم لتخفيف الآلام الشديدة والمزمنة، لدى مرضى السرطان أو بعد العمليات الجراحية الكبرى، وفقًا للمواقع الطبية. ويُصنّف الدواء كمادة مخدّرة شديدة الخطورة، إذ يمنح شعورًا بالمتعة والنشوة، ويؤدي سوء استخدامه لإدمانه. وينصح الأطباء باستخدامه تحت إشراف طبي لتأثيره على مستقبلات محدّدة في الجهاز العصبي، ما يُسبّب الإدمان الشديد، وانخفاض في معدل ضربات القلب، وضعف الوعي والإدراك، والاكتئاب التنفسي الخطير، ولا يُصرف إلا بموجب وصفة طبية، ويخضع الأوكسيكودون للاتفاقيات الدولية المتعلّقة بمكافحة المخدرات.. ويذكر أن "أوكسيكودون" كان السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالمخدرات في الولايات المتحدة، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في عام 2011.
** مراكز المساعدات لاصطياد الموتى
المركز الإعلامي طالب المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة، خاصة مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، بوقف عمل مراكز "مصائد الموت"، والمعروفة إعلامياً باسم "مراكز المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية"، والتي تحوّلت لأدوات يومية للقتل والاستدراج والإبادة الجماعية المتعمّدة، ودعا لكسر الحصار على قطاع غزة، وإدخال المساعدات من خلال المؤسسات الأممية والدولية الرسمية فقط، وعدم السماح للاحتلال أو الجهات المرتبطة به بتقويض دور المنظمات الدولية، وعلى رأسها وكالة الأونروا.
"مصائد الموت" لتوزيع الطحين المخلوط بالمخدرات قتلت منذ عملها في 27 مايو 2025، وحتى يوم الأحد 29 يونيو 2025، 580 شهيداً وأوقعت 4216 مصاباً و39 مفقوداً، جراء تعتمد قوات الاحتلال استهدافهم إما أثناء انتظار استلام المساعدات المسمومة أو بعد استلامها.. وهي تهم لا يدعيها الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، ولا الإعلام الموالي للمقاومة والشعب الفلسطيني، وإنما هي باعتراف جنود الاحتلال أنفسهم، الذين يصوبون رصاصاتهم صوب الشعب الجائع والذي يتعرض لإبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر 2023، بدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ والتي حملها المركز الإعلامي في بيان له المسؤولية القانونية والتاريخية والإنسانية الكاملة عن تنفيذهم ودعمهم للإبادة الجماعة ضد المدنيين في قطاع غزة. (ولا ننسى قطعاً المشاركة العربية بصمت أنظمتها والتي تتغنى ببيانات وشعارات الإدانة والشجب، وتطالب مثلما تطالب المؤسسات الوطنية الفلسطينية المغلوب على أمرها المجتمع الدولي وكل دول العالم الحر بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل فتح المعابر وكسر الحصار وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة قبل فوات الأوان).
الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي استغل جوع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونصب لهم مصيدة باسم مراكز المساعدات ، هذا كشفت عنه صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم الجمعة 27 يونيو 2025، حيث اعترف ضباط وجنود إسرائيليون بتلقيهم أوامر وتعليمات بإطلاق النار على الفلسطينيين قرب مراكز تقديم المساعدات في غزة، وفقا لأوامر صدرت عن قادة في الجيش بإطلاق النار لإبعاد الفلسطينيين عن مراكز المساعدات.. وأكد الضباط والجنود أن الفلسطينيين لم يكونوا مسلحين ولم يشكلوا أي تهديد لأحد في مراكز توزيع المساعدات، التي وصفها جندي إسرائيلي لـ"هآرتس" بأنها أشبه بساحة قتال، وقال "نحن نطلق النار على طالبي المساعدات كأنهم قوة هجوم، مشيراً لاستخدامهم كل أنواع الأسلحة الثقيلة لتفريق طالبي المساعدات".
صحيفة هآرتس كشفت أيضاً من خلال حديثها مع ضباط وجنود الاحتلال، عن خطة وضعها الاحتلال لتهجير الفلسطينيين وهي الاستعانة بمقاولين إسرائيليين لهدم المنازل بقطاع غزة، وأن كل مقاول يحصل على 5 ألاف شيكل أي ما يعادل 1500 دولار مقابل هدم كل منزل، وتقوم القوات الإسرائيلية بتوفير الحماية لهم.. كما أوضح الجنود والضباط أن المقاولون يهدمون المنازل في أي مكان حتى خارج المنطقة المحددة للهدم، لجني الأموال.
وكشفت صحيفة هآرتس نقلا عن الضباط والجنود، أن السلطات الإسرائيلية اتفقت مع المقاولين على قيام القوات الأمنية التابعة لهم بقتل الفلسطينيين المجوعين أثناء بحثهم عن الغذاء، خاصة وأن أعمال الهدم التي ينفذونها تقربهم من مراكز المساعدات وطرق مرور الشاحنات، مقابل 5 ألاف شيكل أخرى.
المركز الإعلامي الحكومي قال في بيان له إن اعترافات جنود وضباط الاحتلال لـ“هآرتس" بإطلاق النار المتعمّد على آلاف المجوّعين تكشف جريمة إعدام جماعي ممنهج ضد المدنيين قرب مصائد الموت بغزة.. وأنه في ظل ما كشفه تقرير صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" من اعترافات صادمة لجنود وضباط في جيش الاحتلال بإطلاق النار المتعمد على المدنيين الفلسطينيين المُجوّعين قرب (مصائد الموت) ما تُسمى "مراكز توزيع المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، تؤكد للرأي العام المحلي والدولي أن هذه الشهادات تُعد إقراراً داخلياً موثقاً بارتكاب جرائم حرب وجريمة قتل جماعي ممنهجة بحق سكان غزة الذين تم تجويعهم وحصارهم لشهور طويلة.
وأضاف المركز في بيانه، إن ما جاء في التقرير من أوامر عسكرية مباشرة لإطلاق النار على مدنيين عُزّل لا يُشكلون أي تهديد، واستخدام رشاشات ثقيلة ومدفعية وقذائف ضد تجمعات سلمية تنتظر الغذاء، هو دليل إضافي على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة منظمة للإبادة، تحت غطاء كاذب يسمى "الإغاثة". كما تكشف هذه الشهادات أيضاً تورط جيش الاحتلال في التواطؤ مع شركات أمنية ومقاولين لتحقيق مكاسب مادية على حساب دماء الأبرياء.
الخلاصة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يعد ينظر لسكان غزة على أنهم بشر، ذلك ما قاله أخصائي اجتماعي في الاحتياط الإسرائيلي، لصحيفة التايمز البريطانية، مضيفاً "كل ما رأيته في رفح كان إطلاق نار وقتلاً وتهجيراً".. فيما قال نقيب إسرائيلي رفض مؤخراً الخدمة في قطاع غزة لصحيفة التايمز "قالوا إنهم يعملون لمنع كارثة إنسانية بغزة لكن هذا ليس ما نراه.. قالوا يريدون تدمير حماس لكنها لا تزال موجودة.. لا يمكنني أخلاقياً الاستمرار في العمل مالم يحدث تغيير".