في حديث مهم تناول قضايا إقليمية شائكة، كشف الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، عن تفاصيل الدور المصري في مواجهة التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، مؤكداً أن مصر منخرطة بشكل فاعل في جهود احتواء هذا النزاع، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقال عبد العاطي، خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج “كلمة أخيرة” على قناة ON، إن القاهرة تعمل على إيجاد حل سياسي وسلمي للملف النووي الإيراني، وهو “ملف خطير للغاية”.
وأضاف: “لدينا انخراط شبه يومي مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة، ونُجري اتصالات مستمرة مع الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وندفع بقوة نحو تهدئة الأوضاع ومنع انزلاق المنطقة إلى أزمة إقليمية شاملة”.
وأكد الوزير أن مصر تأمل في صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى أن بلاده تدفع باتجاه استئناف سريع للمفاوضات بين واشنطن وطهران من أجل تثبيت الهدنة.
وفي رده على سؤال حول اجتماع سابق جمع وزير الخارجية الإيراني بالرئيس السيسي في القاهرة، قبل نحو عشرة أيام من اندلاع الحرب، ثم لقائه مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي، أوضح عبد العاطي أن “الاجتماعات في القاهرة كشفت عن مؤشرات لإمكانية التفاوض، رغم وجود عوامل أخرى كانت تنذر بتصعيد وشيك”. وأضاف: “الجانب المصري كان يدفع بقوة نحو التهدئة والعودة للمسار الدبلوماسي”.
وشدد الوزير على أن موقف مصر ثابت بأن الحلول العسكرية لا تنهي النزاعات، قائلاً: “تقديرنا أنه لا حلول عسكرية لأي نزاعات قائمة، والواقع أثبت صحة الرؤية المصرية، وعلى الجميع أن يقتنع بذلك”.
ورداً على سؤال حول انعكاسات المواجهة العسكرية الأخيرة على موازين القوى في المنطقة، قال عبد العاطي: “الحرب الإسرائيلية الإيرانية لم تُحدث تغييرات جوهرية في ميزان القوى الإقليمي”، لكنه أشار إلى أن الملف النووي الإيراني يظل مصدر قلق عميق ومشروع لدى مصر، قائلاً: “نحن قلقون بشدة من هذا الملف وازدواجية المعايير في التعامل معه”.
وأكد أن مصر ترى أن منع الانتشار النووي هو جزء لا يتجزأ من رؤيتها الشاملة للأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن القاهرة وطهران سبق أن تقدمتا عام 1974 بمشروع مشترك لمجلس الأمن لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.
وحول تطورات العلاقات الثنائية بين القاهرة وطهران، أوضح وزير الخارجية أن هناك تحركات ملموسة على مسارات متعددة، سواء كانت ثنائية أو إقليمية، مشيراً إلى أن العلاقات تسير بوتيرة جيدة رغم وجود بعض الشواغل المتعلقة بسياسات إيران الإقليمية.
وفي هذا السياق، رحّب عبد العاطي بقرار السلطات الإيرانية تغيير اسم شارع “خالد الإسلامبولي” قاتل الرئيس الراحل أنور السادات، واعتبرها “خطوة إيجابية”، لكنه أكد وجود تحفظات مصرية حول بعض ممارسات السياسة الإيرانية في الإقليم، خاصة ما يتعلق بمبدأ حسن الجوار.
وأضاف: “نأمل أن تقود هذه التحركات إلى انفراجة كاملة في العلاقات الدبلوماسية”، كاشفًا عن تدشين آلية جديدة للمشاورات المصرية الإيرانية على المستوى دون الوزاري، تشمل ملفات التعاون التجاري والاقتصادي والسياحي.
واختتم الوزير حديثه بالتأكيد على أن الزخم المتراكم في مسار العلاقات بين القاهرة وطهران قد يفتح الطريق أمام استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، إذا ما توافرت الإرادة السياسية لدى الطرفين.