في عودة لاجتماعه الأسبوعي، ألقى البابا تواضروس الثاني عظته مساء اليوم من كنيسة القديسين مكسيموس ودوماديوس والقوي الأنبا موسى بحي العصافرة بالإسكندرية، وسط حضور غفير من الآباء الأساقفة والكهنة وأبناء الكنيسة، في أجواء روحية مميزة امتلأت فيها الكنيسة بمحبة الشعب وتوقه لسماع الكلمة. وقد بُث اللقاء مباشرة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة.
سبق العظة صلاة العشية التي ترأسها البابا بمشاركة الأنبا باڤلي، الأسقف العام لكنائس قطاع المنتزه، والأنبا هرمينا، الأسقف العام لكنائس شرق الإسكندرية، والأنبا أرشليدس، الأسقف العام، إلى جانب القمص أبرآم إميل وكيل عام البطريركية، وعدد كبير من الآباء كهنة الإسكندرية، وخورس الشمامسة.
ترحيب دافئ واحتفاء شعبي
استُقبل البابا بحفاوة كبيرة من أبناء الكنيسة وخدامها، وقدم الكهنة والخدام فقرات مميزة احتفالًا بالزيارة الأولى لقداسته إلى الكنيسة، حيث ألقت إحدى الخادمات قصيدة شعرية، كما قدّم القس موسى جمال عرضًا عن الكثافة السكانية الكبيرة التي تخدمها الكنيسة والتي تتجاوز 12 ألف أسرة، ما يجعلها من أكبر كنائس الإسكندرية. وتحدث القمص بموا غالي عن تاريخ الكنيسة وتأسيسها، فيما عرض القس يوناثان محفوظ أبرز خدماتها، وفي مقدمتها مشروع "تطوير خدمة الأنبا أبرآم" لدعم إخوة الرب والأسر المستورة. واختتم نيافة الأنبا باڤلي فقرات الترحيب بكلمة أشاد فيها بدور الكنيسة في خدمة المجتمع المصري، عبر المبادرات التعليمية والطبية التي تتكامل مع جهود الدولة.
البابا يطلق سلسلة "حكايات الشجرة المغروسة"
وأعرب البابا في بداية العظة عن سعادته بلقاء شعب الإسكندرية، مشيدًا بالفقرات التي قُدمت ومؤكدًا أهمية التوجه نحو التعليم والصحة باعتبارهما ركيزتين في رسالة الكنيسة الوطنية.
ثم أعلن عن انطلاق سلسلة جديدة بعنوان "حكايات الشجرة المغروسة"، مستعرضًا الفترة من عام ٢٥١م إلى ٤٥١م، وهي حقبة مفصلية تبدأ بميلاد القديس الأنبا أنطونيوس "أبو الرهبان"، وتنتهي بالانقسام التاريخي في الكنيسة.
في الحلقة الأولى من السلسلة، التي جاءت تحت عنوان "حكايات إيماننا القوي الذي نحياه"، تناول قداسته مفهوم الإيمان المسيحي مستشهدًا بسفر إرميا (إصحاح ١٧: ٧–٨)، ورسالة يوحنا الأولى (إصحاح ٥: ١–٤)، مشبهًا الكنيسة وشعبها بالشجرة المغروسة على مجاري المياه.
ما هو الإيمان المسيحي؟
شرح قداسته أن الإيمان المسيحي ليس مجرد معتقد بل علاقة حية بشخص الله، تشمل:
إدراك حي لوجود الله.
علاقة شخصية بين الإنسان والمسيح.
تحوّل هذه العلاقة إلى حياة يومية في مواجهة التحديات بلا خوف.
كما حدّد ملامح "المؤمن الحقيقي" في أربع صفات:
1. أن يكون الله هو محور حياته.
2. أن يحفظ وصايا الإنجيل بمحبة وضمير صالح.
3. أن يسكن الله في قلبه دائمًا.
4. أن يكون إيمانه أرثوذكسيًا مستقيمًا في الفكر والسلوك.
وأكد أن الإيمان ليس لحظة عابرة، بل مسيرة مستمرة من التوبة والانتماء والحب الإلهي، مستشهدًا بكلمات من إنجيل لوقا ورسائل يوحنا والقديس بولس.
واختتم عظته بالآية:
"لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا" (١ يو ٥: ٤).
بهذه البداية القوية، يفتتح البابا فصلاً جديدًا من التعليم الروحي المرتكز على الجذور، في زمن تحتاج فيه الكنيسة إلى أن تكون، بحق، شجرة
مغروسة لا تجف أوراقها ولا تكف عن الإثمار.