21 - 06 - 2025

مدرسة لم ينجح أحد

مدرسة لم ينجح أحد

أًعلنت نتيجة الشهادة الإعدادية لمدرسة حميدة أبو الحسن التابعة لإدارة الواسطى التعليمية ببنى سويف فبُهت الناس حين علموا أن جميع طلابها قد رسبوا إلا واحدة! أما أنا فحين علمت به لم أعجب ولم أُبهت، بل كان ما استنكرته أن المحافظ أمر بأن تُعفى إدارة المدرسة، وأن يحال مسؤولو إدارة الواسطى إلى التحقيق، وليس ببعيد بعد التحقيق أن يعاقَبوا ويبعدوا من مناصبهم! وقبل أن يعجب القارئ لاستنكارى إعفاء هؤلاء، والتحقيق معهم، وربما مجازاتهم للتقصير، وقبل أن يتهمنى قارئى الكريم بحب التهاون والمتهاونين، ومحاباة التقصير والمقصرين، فأقول: ليس الأمر كذلك، بل الأمر فيه تفصيل.

الوزير هو من يحث على إظهار النتائج دون تزييف ولا تجميل، وأكاد أزعم أنه يأمر بهذا، وهذا أمر يُحمد ولا ينكر، فإذا ما أُعلنت النتيجة على حقيقتها اضطربت الحكومة والإعلام! إذًا هذا سيعده المعلمون نكوصًا عما تريده الوزارة، وسيرونه إيذاء لهم فى لقمة عيشهم، وحينئذ سيخرجون لهم النتائج على خير ما يحبون ويشتهون بالكذب والزور.

سيقول قائل: أراد الوزير معرفة النتيجة، لا إعفاء المقصر والمتهاون، فنقول: نعم، لكن ذوى المناصب يظنون التقصير بالمعلم؛ لأنه هو الذى تحت أيديهم، لكن التعليم ليس معلمًا فقط، بل هناك متعلم، وولى أمر للمتعلم، والبيئة التى تؤوى المتعلم، وأنا أزعم صادقًا وعن علم وبصر بهذا الأمر، أن هؤلاء الراسبين فى الإعدادية ليسوا تلاميذ كما تراهم الوزارة، بل شبانًا صنايعية محترفين يتكسبون من مهنهم، ويومية أحدهم تضاهى أو تزيد عن معلمه، ولم يمنعهم عن العلم والدرس والنجاح وحضور الامتحان إلا أن أعمالهم فى محافظات أخرى غير بنى سويف، ولهم التزام عند أرباب تلك الأعمال؛ فمن أجل ذلك هم لا يحضرون المدرسة، وربما لا يحضرون الامتحانات إن خالفت مواعيد عمله، وإن حضر أحدهم رسب، فهو لا علم له بما بين يديه من أسئلة، وأما تلك الفتيات الراسبات اللاتى تحسبهن الوزارة طفلات صغيرات يقضين فراغهن بين مضرب الإسكواش ولوح الباتيناج فلسن إلا شابات مخطوبات يتجهزن للزفاف بعد سنة أو بعض سنة، هذه طبائع مجتمعات من ريف مصر خبرتها وعرفتها، بل خبزتها وعجنتها، ولعلم معاليكم إن أولياء الأمور فى تلك البيئات لا يبدؤون أولادهم بالعمل وهم فى الإعدادى، بل يلحقونهم بالحرف والأعمال من الابتدائى، وبعضهم ربما أسلم ابنه للورشة صبيًّا فى الأول الابتدائى، فأهل تلك المجتمعات لا يعنيهم أحكام القراقوش المقيم فى وزارة التعليم، ولا يسمعون بالقرار (١٣٦)، وإن سمعوا ما استجابوا، فلماذا تُرهَن أرزاق وأعراض المعلمين (سمعتهم وصيتهم) بمن ليسوا يبالون بمعلم ولا بوزير ولا بقرار؟! فإن أَبَى محمد عبد اللطيف إلا استجلابهم من البيوت والأعمال، فليتبرع لكل منهم كل يوم يحضره بيومية صنايعى التى يقبضها، وليتبرع لكل فتاة مخطوبة بجهاز بيتها، وليبعث باحثين من الشؤون الاجتماعية إلى بيوت هؤلاء الراسبين والراسبات ليقفوا على جلية أمرهم، فظنى أن تلك هى الطريقة المثلى لإحضارهم، أما تحميل الأمر بأكمله (للحيطة الواطية) المتسلط عليها فهذا ليس من الحق ولا العدل.
----------------------------
بقلم:
محمد زين العابدين
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

مدرسة لم ينجح أحد