17 - 06 - 2025

كيف صرتُ شاعرا

كيف صرتُ شاعرا

***

 عمي كان يطهو أحلاما نيئة فوق قضبان القطار

وعمي الآخر كان يحمل الماء على ظهره لصهريج قديم

وأبي كان يرقب الظلال الحائرة بين القطار والترعة

  الحصة الأولى  

نعش فارغ وجنازة حارة وطفل يتسلق الجدار ليرى.. ربما بكيت تأثرا بنواح خالتي بهية.. ربما لم أبكِ. لكنني خفت واندهشت عندما رأيت فروع شجر وملاءة سرير في نعش خشبي يمر تحت الباب، وأنا متسلقا أتهجى الحزن الشعبي بلا وعي.

ساعتها ردّدتُ وراء الخالة بهية بكائيات نغمة يوم مات عبد الناصر، ويومها عرفت أثر البكاء المنغّم وتملكتني الغوايه، لكن النعش ظل فارغا طول الوقت.

وبعد شهر دخلت المدرسة وبدأت الرحلة نحو ذلك النعش الفارغ للقصيدة ..

هامش .

كان أبي يهمس  لجارنا "وقع الرجل" فأحسست وقتها بصدى اللغة والحرف معا في الماء الراكد  بالحديقة.. من يومها وأنا أتبع الصدى.

***

الحصة الثانية  

كان سؤال الامتحان عن معركة اليرموك، وكانت إجابتي دقيقة للغاية، لكن النتيجة في آخر الشهر كانت صفرا. فبكيت وسألت المعلمة كيف تتنكر النتيجة للكتاب؟ فقالت لي جملة حاكمة: نموذج الإجابة القادم من المديرية كذّب روايتك للتاريخ.

فقلت لها هل يكذب رواية التاريخ نفسه؟ فضحكت بمرارة، وقالت: إنه النموذج يا بُني...

من يومها أقرأ التاريخ بضحكة ساخرة ومرارة لا تغادر القلب مطلقا، وأفر من كل اللحظات التاريخية وكل النماذج، وأهرب من تلك المعركة التي عرت كثيرا من الأوهام أمامي وأنا في العاشرة.  

***

الحصة  الثالثة

ملعب الكرة كان شاهدا على كل شيء.. كل تفاصيل الرحلة مرسومة هناك بأقدام حافية وجروح. كنت أذاكر أثناء توقف اللعب حيث كنت أخفي أوراق الملخصات، خاصة في مرحلة الدراسة  الإعدادية والثانوية بعدها، في جيب "البيجاما".. فقد كنت أذهب إلى الملعب غير راغب في اللعب، مكتفيا بمشاهدة الأصدقاء يداعبون تلك المغوية الأكبر في العالم، لكنني سرعان ما ألقي "الشبشب"، وأنزل لتراب الملعب حافيا أداعب الكرة ثم أنخرط في اللعب. وأنسى الجغرافيا المعلقة في جيبي الأيمن والتاريخ المنسي على اليسار دائما.  

في العام ١٩٧٣ احتفلنا بنصر أكتوبر بمباراة كرة. وفي العام ١٩٨١ توقف اللعب لأن خبرا جاءنا أن السادات تعرض للاغتيال. وسرت شائعات أنه لم يمت فصرخنا: "حتي الإرهاب عندنا فاشل!” وأكملنا المباراة بين الخوف والرجاء. وفي المساء نسينا نتيجة المباراة لأن الموت كان طاغيا وموحشا.

 ***

 توقفت عن اللعب لأن الجماهير كانت تهتف دائما  بحياة الصديقين بلال حسن وحسام رمضان  الأكثر موهبة، ولأنهما يحرزان الأهداف.. أما الذين تاهوا في المنتصف مثلي فقد لفهم غبار، ولم ينتبه إليهم أحد.. وأنقذتهم قصيدة جاءت متأخرة بعد سنوات، كضربة ترجيح محتملة لمباراة قد تطول.

هامش :

 كان الكابتن محمد عبيد مثلا أعلى في الملعب وكنا نسميه بيكنباور، لكنه كان عاقلا وصارما في لعبه وحياته، فلم تذكره القصائد  وموته المفاجيء فقط أيقظ قصيدة في قلبي لا تزال باكية تفتش عن كرة ضاعت في الذاكرة.

****

الحصة الرابعة

كيف تنمو شجرة نعناع صغيرة بجوار شجرة عتيقة؟! يقول الفلاحون إن ذلك ممكن، لكن الخائفين على العطر القصير يفرون من شجرة مثمرة.

كنت في أبوة عفيفي مطر أخاف الكتابة لكنني كنت ممتلئا بالأحلام العشوائية والرغبات الطائشة لترويض نص يراودني، الا أنني  هربت إلى السرد القصصي حتى لا أصطدم بشجرة الأب المثمرة. وظللت أخفي ما أكتب حتى رحل عفيفي مطر، فبكيت مرتين: الأولى لفقد أبي الروحي، والثانية لأنه مات  دون أن يقرأ لي نصا واحدا، وكل ما أكتبه من ظل شجرته المثمرة، وفيوضات غيمته.

***

الحصص المنسية

**حصة  الميلاد:

سألتن غيمة :من أنت :

وكيف جزت المدار والمدى مغلق النافذة؟

قلت - وأنا أفتح شرفة الغوايات:

أنا ابن أغنية من "فريد"

 حفيد زهرة برتقال

ولدتني أمي في نهاية العام

 فأدمنت الخواتيم

ورأيت ذيل العام يقصر

وأظافر الأيام تطول في التراب.

وأنا امتزاج نقطة حبر بقطرة مطر

وعناق نافذة بالتراب

إيقاع بطيء لموسيقي تتأوه

يمد حصير الأعوام أمامي

أنتظر دراجة توقع موسيقاها الخشنة علي الطريق

فلما طال انتظاري تبنتني  بندقية فارغة

لا تصدر سوى نشاز الرصاص المجوف،

صوت الغفير الخائف في  ظلام  قرية قاسية

يرتفع مرتعشا

وصوت الراديو يعلو" آدي الربيع عاد من تاني"

 واوراق الشجر تكذب اللحن وتكشف خوف الغفير

 في معطف الصوف

أدخل في جراب أحلامي ولا أقوم إلا عند صياح الديك

ورحيل أشباح طائرة  كانت تتدلى من تكعبية العنب،

وأنا ابن كتاب مفتوح في شرفة

 ينقي الغبار من الحصى

ويحفظ زهورا في  حديقته  

وتفسده حبة توت

 كانت تمثل دور محبرة وممحاة معا

في صفحتي  الفارغة

 ***

  ولدت في قرية سمادون التابعة  لمركز أشمون في المنوفية  حيث الاساطير تلون سقف القرى وتخترع لها سماء  من زجاج دون السماء فيصبح للاسم معنى   لكني هاجرت مع ابي الذي هزمه الحنين لاهل عائلته في قرية مجاورة هي قرية  "رملة الانجب"،والتي يوحي اسمها بالتباس الطين والرمل  اذ كيف تكون القرية رملة لم نعرف السبب وعشنا نتباهي بمعنى الانجب او النجيب او المتفوق  تحت وطأة معلومات غير مؤكده ننشرها بان ابناء الرملة هم الاكثر تعليما في المنطقة من دون أن يكون لدينا دليل واحد

 وبعد ان كبرنا وادركتنا هواية القراءة عوفنا من السفر البديع شخصية مصر معني الرملة وسرها الرواّاغ

فالرملة قرية  تتكون أرضها من طمي ورمل، في ظاهرة كتب عنها جمال حمدان، هي ظاهرة  ظهور السلحفاة الرملية، وكتبت عنها ديوانا كاملا - "والرمل إذا غوى" - أحاول تلمس ذلك التناقض الوجودي بين تلك التربة السمراء ابنة الحضارة والتربة الصفراء ابنة الموت والملح  الغارق في  النسيان، التي أجبرتني ظروف الحياة على الفرار إليها في رحلة قاسية الي الامارات ، وعدت منتعلا خفا من طمي تكلّس . فعادت إلي قصيدتي تسعى في المحراب بين مشهدين في البداية اردت الانتقام مما لحق بي من ظلم في الامارات فكتبت قصائد اشبه بالهجائيات القديمة  لكنني احرقتها جميعا عندما كنت اهاجم الرمل في نص فتذكرت ان اسم قريتي طالع من الرمل  هنا  شعرت بان الاتباس قدري والثنائية  جسر بين مشهدين فأحرقت الهجاء وابقيت القصيدة شاهدا علي ما مررت به من التباسات الهوى بين الرمل ومقطع الرملة في قريتي وفي السفر .

** ولدت في عام ١٩٦١ عندما أعلن ناصر قوانينه الاشتراكية، وأعيش الآن زمنا يفك خيمة ناصر عن المدارس والضمائر. وبين هاتين اللحظتين أعاني التباسا في كل شيء.. الدرس تحت ضوء لمبة الجاز واختراع طريق ترابي بين الجغرافيا والتاريخ، جوار ترعة ضريرة، وابتكار طرائق لتسقط العلوم تحت توتة تنجب ذكريات وتحفظ الأثر.

 انا ابن أغنية من فريد  حفيد زهرة برتقال

**حصة  الدراسة: كنت متفوقا وكارها للدرس بسبب جنايات المعلمين على العقل.. إجبارنا على حفظ معلومات قصيرة التيلة، واستذكارها كقيء مناسب لورق أبيض ينتظر المصير في قاعات الامتحان، جعلني أتمرد على اليقين المعلب في قوارير العطر والزيت وبلاص المش والعسل الأسود وكل ما هو محفوظ كاذب كاليقين المراوغ وأتمرد على سور المدرسة.

  الحصة الخامسة:

كلما مر العمر أعود  دائما إلى لوحي غير المحفوظ  وأعيد نقش ما محوت

 **الكتّاب  مدرسة أولى عرفت فيها سر الآي وخفت الطيور الجوارح التي تتأمل من فوق كتفي  في المنام وعرفت سر الموسيقى.. ربما هنا  كنت شاعرا يبكي من فرط قسوة العصا في يد سيدنا ويد أبي، والجروح التي تطلع من تحت إبط الآيات تجعلني أفر  للشعر  الذي لا أحفظه من فرط اللذة السحرية في الكتاب.. عرفت سيدنا بجلبابه الريفي وسرواله الداخلي الطويل الذي كان يملؤني بالضحك والسخرية من رجل لا يحتشم مع كتاب الله. لكن العصا التي بجواره دائما ألقمتني حجر السكوت وتعلمت من مراوغة الخوف والسخرية أن أروض الكلمات وأحسب حسابها حتى لا أنال عقابا قاسيا.

في الكُتّاب حفظت ثلثي القرآن لكن الخوف منعني من المواصلة، لأن سيدنا مع كبر سنه صار أكثر قسوة وتوحشا مع المخطئين، وأنا أخاف العقاب فقد كنت أكتفي بحصتي منه من يدي أبي  .. وأنقذني الشعر من  قسوة سيدنا..

 كان صلاح عبد الصبور سيدي الأول "في كتًاب الشعر" وكنت أردد "يوميات نبي مهزوم يحمل قلما" وأنا أترنح كالدرويش، فلا عصا هناك تحرض على النسيان ولا  عقاب سوى القصيدة حين تفلت منك.

لكنني عندما أمسكت القلم للمرة الأولى كتبت قصة عن غرقي في الترعة لأني لا أجيد السباحة.. والسنارة لا تصطاد سمكا بل تنتقي جثثا صغيرة. مزقت الورق لأني لا أعشق القصص ولأني أخاف الجثث التي يوزعونها على الفقراء في الأحلام كتحلية مناسبة لفقر الروح في الغيطان التي كانت تجف أمامي كطقس مستعاد كل عام.

***

ثم التقيت المعلم والأب الروحي في دارنا.. دخل رجل طويل الشعر فقابله أبي بالأحضان والضحكات كصديقين، ثم جلست خلف الباب أتسمع وقع الحوار . قال الضيف ضاحكا سأعيش مثلما عاش والدي. فرد أبي بل ستعيش ألف عام يا عفيفي .. هنا عرفت الاسم للمرة الأولى، وسمعت أبي   ينادي عليّ .. يا محمد تعال سلم على عمك عفيفي مطر. من يومها  دخلت مدائن القطب درويشا صغيرا تسحره القدرة على ابتكار الصور  المجنونة.  وعرفت بعد سنوات من القراءة المتعثرة كيف أفك ألغاز القصيد وكيف أطرب للموسيقى.

أنا ابن مزيج من خوص الكُتّاب ورومانتيكية صلاح عبد الصبور وخشونة ووحشيه لغة عفيفي مطر.. لكنني أقرب للغة المفارقة الحادة التي وجدتها عن وديع سعادة، فقلدت آثار الجميع وحفرت لي ظلا خاصا يجمع القرآن والملاحدة وأغني لنفسي كما فعل والت ويتمان في  عشبه القصير.

حصة الحلم المستحيل

  **لا يعرف الريفيون الحب إلا قصة مستحيلة

يخفونها في حقول الذرة أو في كتب الدرس ويرفعون صوت المذياع، ويرسلون العندليب رسولا . لكن القصص كلها تنتهي بسؤال كاللغز في الامتحان الذي يسرق منا لذة الفرح.. فلا يستطيع الخائفون من عصا التأديب إتقان الغرام.

الحلم  مملكة الفقراء فيه يحلمون بمصباح مضيئ في المسجد ينير قرية بأكملها فيسارعون إلى كتابة ذلك النور وينتظرون بسمة من معلمة هبطت كملاك صغير في قاعة الدرس وفي الحلم يمكنهم تقبيل معلمة الفصل والزميلة في الدرج المقابل من دون عقاب لكن كتابة الأحلام مهلكة .

 فبعد تلك الابتسامة المرتجاة تهبط عصا أبي علي قدمي فتطفئ في الروح حلم الكتابة، وتغرس خوفا غريزيا من كل نور في عيني امرأة ولو عابرة.   


  الحصة السادسة

حصص القطارات

  عرس طارىء لموت معلق في الرفوف والخوف من عجلة القطار التي قد تقطع الجسد تماما قبل الهبوط من المحطة، تجعلني أتردد دائما في الركوب والقطار يتحرك  .. لكن هذا التردد مات  في قطارات الحياة التي ألحق فيها العربة الأخيرة دائما.

 القطارات ثعابين حداثية نخافها ونمتطي ظهورها كجياد معدنية طائشة، لكننا غالبا لا نصل للمحطة المناسبة، فنحن محض قيمة تائهة لم يعرفها ماركس ولم يصنفها جيدا.. لا نحن عمال ولا آباؤنا فلاحون .. ثمة ما يختلط بعظم الطرق وغبارها، وما يختلط بطين الغيطان وقبورها.. نبت ملتبس في طمي ملتبس ورحلة حائرة حتى مطلع الموت.

 كان القطار صديق رحلة الدرس يوميا ما بين الرملة وأشمون، وارتباك أولي من نظرة خجول لصبية لا تعرف ضفائرها بعد لغة الطيران، ولم يعرف ثغرها لغة الابتسام إلا بقدر ما يبيح الغبار الخفيف خارج النافذة.

 كان القطار دائما صديقا ملتبسا يشاكسني. وكلما خرجت بهزيمة أخرجني بائع بنداء غريب  يجعلني أضحك وألتهم الكعك  المرّ مبتسما وأشرب مياها غازية، لأن بائعا غنى وهو يروجها باردة وهناعرفت لذة الموسيقى ودهشة الغناء.

كنت أركب قطار الثامنة صباحا كطقس منتظم، وأعود من المدرسة في مدينه أشمون في قطار الثانية. لا هامش "للتزويغ" من الموعد ولا هامش لأي مغامرة. لكنني كسرت هذا الهامش مرتين.

 مرة ركبت فوق سطح القطار وتملكني  الخوف، وكدت أموت رعبا، فلم أكررها. ومرة   قفزت من سور المدرسة لألحق مباراة في الساحة الشعبية القريبه من المدرسة ، فأمسكني الناظر وقال لي: أنت الأول على المدرسه لماذا  ترتكب هذه الغلطة؟  قلت له (وأنا بين الخجل والابتسام): كنت أجرب شيئا لا أعرفه. فضحك ولم يعاقبني .. ومن يومها أعشق القفز من فوق الأسوار وأكره  قضبان سكة الحياة.

  الحصة السابعه

**الغربة في "الأهرام.”.

 كنت أطوف حول مبناها كلما زرت القاهرة صغيرا، ثم اكتشفت أن كعبة الصحافة المصرية ليست سوى هرم من الأهرامات التي يبنيها الفرعون لدفن جثته وتحنيطها ودعوة الناس لعبادتها.. يبقى الهرم ويتغير الفرعون والآلة واحدة والعمل واحد .شدني في اليوم الأول  لي هناك قبل أن أبدأ العمل  لوحة  صلاح طاهر  او جداريته في الطابق الرابع  وهي لوحة "هو" التي يقال  أنه رسم منها ٩٩  لوحة بعدد أسماء الله الحسنى،  وكنت في البداية أفر من إيقاعها المحكم الفوضوي، وموسيقى انحناءات الحرفين وأهرب في المصعد الذي يترنح بين الطوابق كبرزخ

 وأذكر أنني كتبت يوما تلخيصا لذلك اليوم قلت فيه:

"هو" ورائي

وأمامي بخطوتين  فقط  

مصاعد تنقل جثثا يقظى إلى حتف فراغها

و"هو" معلق على جدار، كما ينبغي لدائرتين

 تنتفضان في طواف فرشاة لينة وحادة

 وأنا  أرتعد خوفا  قبل الدخول،كأنني نبي رسب في امتحان

 يصعد معراجه ليجمع الحروف الساقطة

ويصنع جملة ترفض الاكتمال حتى الآن

  ***

 الغربه في الجامعة:

 اتخذت قرارا غبيا بالالتحاق بكلية الإعلام وأضعت وقتا في درس لاشيء.. وباستثناء ما تعلمته من الدكتورة عواطف عبد الرحمن  لم أتعلم من أساتذتي في الكلية شيئا وأندم الآن بأثر رجعي لأني لم أستمع إلى نصيحة صديقي الدكتور وجدي زيد رحمه الله، وكان يدرس لنا اللغة الانجليزية في الكلية،  عندما قال لي يوما ونحن نقطع المسافة بين كلية الاعلام وكلية الآداب: دع عنك هذه الدراسة الباهتة أنت مشروع مبدع وتحتاج إلى دراسة اللغة الانجليزية لتتوسع في دراسة الأدب  الذي هو مجالك الحيوي والطبيعي.. لكن الفتى الريفي الذي يحسب كل شيء بقانون المنفعة والفقر  قال له بحسم..  "عاوزني أضيع سنتين  من عمري"! الآن بعد أن أضعت عمري كله في مهنة كاذبة أعلن ندمي.

**حصة الغربة في الرمل

عندما سافرت إلى الإمارات، تغربت مرتين في آن: فقدت قصة حبي الوحيدة، وفقدت علاقتي بالوطن. لكني هناك تذكرت الحب وتذكرت التباس التربة القديمة، فعدت بعدها لحبيبتي بعد ١٧ عاما من محاولات اقتناص غيمة، وإلى قريتي، لأكشف التباس الطين عندما يترمل.. وعدت شاعرا. يصرخ : يا ابناء الرمل وشيعته تفكروا قليلا لقد اختار الله الطمي خليفة وعلمه  سما كلها

حصة الكشف

 ليس في سيرتي ما يغري بالقراءة وكل ما عشته دونته في قصائد، أو حاولت.. لا تصدقوا شاعرا يكتب سيرته لأنه يتعرى مرتين وأنت لا تنزل نهر العري مرتين بلباس وحيد، ولا القصيدة تستطيع...   والذاكرة تأتي بخط عشوائي فلا ترتبوها عند الكتابة فتفسدوا طيشها، وحسبها أنها ردت إلي ذلك الفتى الريفي الذي لا يزال يحلم بقبلة في المسجد.

*****

---------------------------------

بقلم: محمد حربي



مقالات اخرى للكاتب

كيف صرتُ شاعرا