15 - 06 - 2025

صواريخ طهران تهز إسرائيل.. والخسائر الحقيقية "خارج التغطية"

صواريخ طهران تهز إسرائيل.. والخسائر الحقيقية

في تصعيد هو الأخطر منذ سنوات، شنت إيران خلال الساعات الماضية هجوماً صاروخياً ومسيّراً واسع النطاق على العمق الإسرائيلي، تحت مسمى "عملية الوعد الصادق 3".

وعلى غير عادتها، خرجت طهران من دائرة الحروب بالوكالة ووجهت ضربات مباشرة انطلقت من أراضيها، لتعلن صراحة دخولها في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

الهجوم الذي استمر على موجتين خلال يومين، استخدمت فيه إيران عشرات الصواريخ الباليستية من طرازات متقدمة، إلى جانب أسراب من الطائرات المسيّرة الانتحارية التي باتت تمثل جزءاً أساسياً من استراتيجيتها العسكرية في السنوات الأخيرة.

وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال، استهداف الضربة الإيرانية لأكثر من 150 موقعًا عسكريًا بينها مواقع لقواعد جوية تضم طائرات إف 35 وإف 16 وإف 15، وتدمير 6 مباني سكنية، وإصابة نحو 100 شخص، وثلاثة قتلى.

ورغم شراسة الهجوم الإيراني وكثافته غير المسبوقة، أعلنت إسرائيل رسمياً أن منظوماتها الدفاعية نجحت في اعتراض أكثر من 95% من المقذوفات، لكن مؤشرات ميدانية عدة كشفت أن الصورة الفعلية أكثر تعقيداً مما تعلنه تل أبيب، فقد رُصدت انفجارات وأضرار واضحة في بعض المناطق قرب تل أبيب، إلى جانب تقارير متفرقة عن استهداف مواقع عسكرية ومنشآت بنية تحتية في الجنوب.

سياسة التعتيم الإسرائيلي على الخسائر

إخفاء حجم الخسائر جزء راسخ من العقيدة الإسرائيلية في إدارة المواجهات، فمنذ سنوات طويلة، تعتمد إسرائيل سياسة إعلامية دقيقة تقوم على إبراز قوة الدفاعات، وتقليل حجم الخسائر المعلنة، وذلك لعدة أهداف متشابكة:

أولاً: الحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة وعدم إثارة الذعر في المجتمع الإسرائيلي.

ثانياً: إرسال رسالة للخصوم بأن قدرات الردع الإسرائيلية لا تزال قائمة مهما تصاعدت الهجمات.

ثالثاً: عدم منح إيران أو حلفائها انتصاراً معنوياً قد يُوظف في معركة الصورة والمواجهة النفسية أمام الرأي العام العربي والدولي.

لذلك حتى مع الهجمات الإيرانية المكثفة، خرجت البيانات الإسرائيلية مختصرة، مع حصر الخسائر البشرية في أرقام محدودة جداً، وغياب أي تفاصيل دقيقة حول الأضرار التي طالت المنشآت الاستراتيجية أو العسكرية.

الملاجئ.. خط الدفاع النفسي والعسكري الداخلي

في خلفية هذه المواجهة العنيفة، لجأ آلاف الإسرائيليين إلى شبكات الملاجئ تحت الأرض، والتي تمثل ركيزة أساسية في منظومة الحماية الداخلية، حيث تضم إسرائيل واحدة من أوسع شبكات الملاجئ في العالم، موزعة بين ملاجئ عامة في الأحياء السكنية وملاجئ خاصة أسفل المنشآت الحكومية والعسكرية، إلى جانب منشآت محصنة ضخمة في مناطق القيادة العليا.

تمتاز هذه الملاجئ بنظم تهوية معقدة، ومولدات طاقة مستقلة، وإمدادات غذائية وطبية تتيح البقاء لفترات طويلة، وخلال الهجوم الإيراني الأخير، لعبت هذه الملاجئ دوراً حاسماً في تقليل حجم الإصابات بين المدنيين رغم كثافة الصواريخ والمسيّرات التي أغرقت سماء إسرائيل لساعات.

حرب الرسائل بين طهران وتل أبيب

بينما حاولت إيران تسويق الضربة كرسالة واضحة لإثبات قدرتها على ضرب العمق الإسرائيلي، سعت تل أبيب للرد بسياسة تقوم على احتواء الخسائر إعلامياً، مع الحفاظ على صورة الدولة التي لا تُهزم بسهولة.

في الواقع، تحولت المواجهة إلى ما يشبه "معركة الصورة" أكثر من مجرد صراع عسكري مباشر، حيث يتصارع الطرفان ليس فقط في الميدان، بل في معركة الصورة أمام العالم والجمهور الداخلي لكل منهما.

ورغم الضربات القوية، ما زالت إسرائيل تحتفظ بزمام المبادرة العسكرية الكبرى، بينما تحاول إيران من خلال هذا الهجوم ترميم صورة الردع الإقليمي بعد الضربات الإسرائيلية السابقة على أراضيها، لكن المشهد لم يصل بعد إلى ذروته؛ فالتصعيد مرشح لمزيد من المناورات المحدودة، وسط توازن هش بين تفادي الحرب الشاملة وإبقاء سلاح الردع متأهباً لدى الطرفين