كنا في الصاعقة نتدرب علي شن إغارات علي قواعد الدفاع الجوي لتحييد تدخلها ضد مقاتلاتنا .
وأتذكر ، قيادتي لداورية - قبل العبور - لتنفيذ عملية إغارة تدريبية علي مطار جاناكليس ، وكانت المهمة تدمير المدافع م/ط الموزعة علي أركان المطار .
ورغم علم قائد المطار ، وكذلك سرايا الحراسة في المطار بأن الصاعقة ستهاجم ذات ليلة خلال أسبوع كامل ، ورغم أن قائد المطار الذي كان بالطبع أقدم مني بأجيال تحداني بشكل شخصي أن أنجح في التسلل إلي المطار من أسواره المحكمة المزودة بأسلاك شائكة ، كنت واثقا في جنودي ، وأننا سوف " ندمر " القواعد الأربعة .
التدمير في هذا النوع من التدريب يعني أن ننجح في اختراق المطار خلسة ، وإن نفاجئ أطقم المدافع ، ونلقي عليهم سائلا ملوناً ، ونحن نطلق طلقات " فشنك" .
وفي الليلة الموعودة ، أرسلت العريف فتحي علي رأس مجموعة من ٣ مقاتلين ، للتحرك بشكل ظاهر علي مسافة من اتجاه الشمال الغربي للمطار ، ثم المسارعة بالإنسحاب وكأنه تم اكتشافهم وإلغاء المهمة .. وتركت السيد قائد المطار يتمتع بتبادل التهنئة مع طاقم المدفع الذي أبلغه بكشفنا ...
بعد ساعتين من هذا الهجوم الخداعي ، وقبل الفجر بنصف ساعة ، وعندما هجع كل شئ .. بدأنا في الزحف من اتجاه الجنوب ( عكس اتجاه الريح ) ، وقمت بتثبيت مجموعة الحماية النيرانية خارج السور ، وتسللت اربع مجموعات اقتحام بعد أن أحدثنا ثغرة في السلك الشائك ، وتقدمنا بحرص مع استمرار علامات التواصل كي يتزامن الإقتحام في توقيت واحد علي القواعد الأربعة .
وزيادة في الإبداع ، قررت اقتحام برج المطار مع مجموعة القيادة ، وبدأنا في التسلق الصبور من اتجاه وجدناه يصلح لذلك .
اعطيت إشارة الهجوم ، ثم قفزت إلي غرفة التحكم في البرج وأنا اهتف :" صاعقة .. صاعقة " ، وفوجئت أن قائد المطار كان يرقد علي أريكة قد نهض منزعجاً وربما مرعوباً ..بينما تم تلوين أفراد ثلاث قواعد ، وأفلتت قاعدة واحدة لخطأ من قائد مجموعة الإقتحام أدت إلي كشفه قبل الوصول .
جلست أشرب الشاي الدافئ مع القائد وهو لا يزال يفرك عينيه مندهشاً ، ويستحلفني أن احكي له كيف فعلناها وانا اراوغه بأن ذلك " سر الصاعقة " 😊 .
أتذكر ذلك بمناسبة المشاكل التي تسببها قواعد الباتريوت وغيرها للصواريخ الفلسطينية ( أو الإيرانية ) ، وأتصور أنني لو كنت قائداً لشكلت مجموعات عمل خاصة تتسلل خلف خطوط العدو ، وتقوم بتدمير تلك القواعد ، والفنيين العاملين فيها ، خاصة وأن من يقوم بحراسة تلك القواعد غالبا لا يكون لديه قدرات قتالية متميزة .
من " الصاعقة المصرية " إلي طهران : " هل تسمعني .. حول " ...
-------------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق