15 - 06 - 2025

هآرتس: من طهران إلى تل أبيب، القنابل تتساقط لكن ما يسميه نتنياهو "نصرًا" يبدو أشبه بانهيار

هآرتس: من طهران إلى تل أبيب، القنابل تتساقط لكن ما يسميه نتنياهو

- حتى وإن "ربحت" إسرائيل هذه الجولة ضد البرنامج النووي الإيراني، فما الذي ربحناه حقًا إذا كنا ما نزال في قبضة نظام فاسد، كارثي؟

كل شيء بدا مختلفًا عندما شنت إسرائيل ضربة حاسمة ضد المواقع النووية الإيرانية ليلة أمس.

قبل أسبوعين فقط، خرجت مع عائلتي – والديّ وأخواتي – للمشاركة في تظاهرة تضامنية مع أهالي الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس، في اليوم الـ600 من الحرب على غزة. كانت هذه أول زيارة لابني إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر. كل شيء بدا كأنه خلف زجاج.

كان الحشد صامتًا، مكسورًا. اعتلى أهالي الرهائن المنصة. البعض قال: لا نصر من دون عودة أحبائنا. البعض الآخر هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف. آخرون توجهوا برجاء إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. امرأة انفجرت بالبكاء أمام الميكروفون. رجل آخر حدق في الفراغ بانتظار انتهاء الأغنية. رامي كلاينشتاين غنى أغنية عاطفية عن إسرائيل: "معجزاتك لم تنتهِ بعد" – من الصعب تخيّل ما هو أكثر سخرية من ذلك.

بالنسبة لمن يعيش الحرب منذ عامين، العلامات في كل مكان: ملصقات الجنود القتلى في محطات القطار، صور ضحايا مهرجان نوفا، لافتات الرهائن الممزقة عند الأطراف، شرائط صفراء ترفرف بخجل من نوافذ السيارات. الحرب حاضرة لكنها اختلطت بالحياة اليومية. المزاج يتأرجح بين العجز والإنكار. لا أحد يريد الحديث عما سيأتي. لا أحد يريد سماع كلمة "غزة". لا أحد يعرف كيف يمكن إعادة من تبقى من الرهائن.

قالوا إن ضربة كبيرة لإيران قادمة. وقالوا إنها ستكون "مستحقة" – إن أذلت طهران، إن أطاحت بنظامها الإسلامي، إن أنهت التهديد نهائيًا. ربما يكونون على حق. ربما هذا سيوقظ شيئًا.

وهكذا، في اليوم 616 من الحرب، انفجرت إسرائيل بنشوة هستيرية. المقاتلات الإسرائيلية تقصف إيران. فجأة، عادت وجوه الإعلاميين للحياة. قالوا إنها ضربة "تاريخية"، "تحولية". نتنياهو المنتشي تحدث عن "حرب لإنهاء جميع الحروب". عادت الألوان إلى الشاشات ووسائل التواصل. أعادت البلاد تنشيط نفسها عبر عنف بعيد.

ربما يكونون محقين. ربما سقوط النظام الإيراني، بفكره المتطرف، سيفتح شيئًا جديدًا. مجتمع مضطهد منذ عقود، وقد أظهر بالفعل شجاعته في الشوارع، قد ينهض ويفرض التغيير.

**لكن حتى لو غيّرت الضربة إيران إلى الأبد – هل ستغيرنا نحن، الإسرائيليين؟

منذ السابع من أكتوبر، أصبحت إسرائيل تعتمد على الخلاص من الخارج. خيال العودة: ترامب سيعيد الرهائن، إيران ستنهار، الفلسطينيون سيُرحّلون إلى أرض بعيدة مثل أرض الصومال أو فنلندا. شيء ما سيحدث. أي شيء – إلا نحن. إلا أن ننظر إلى الداخل.

إسرائيل لم تعد تؤمن بأنها قادرة على إصلاح نفسها. لم نعد نمتلك الإرادة لتحويل الحلم إلى واقع. مؤسساتنا انهارت منذ وقت طويل، قبل أي مبنى سكني في طهران. الأساسات نُخرت.


ما تبقى هو مزاج قومي متقلب بين الاكتئاب والهوس: من الأنفاق حيث يجلس الرهائن، إلى البهجة المجنونة بعد ضربة ناجحة. هذه هي الهوية الإسرائيلية اليوم.

خلال عشاء مع أصدقاء قدامى، دار نقاش مع شخص يشعر بغضب عميق من الحرب، والاحتلال، والمستقبل – لكنه في الوقت نفسه قال إنه لن يصوّت لأن "كل السياسيين فاسدون". ثم أضاف: "سأبقى هنا. هذا وطني. هذا كل ما أعرفه". نظرت إلى ابني وقلت له: هذا الإحساس نفسه بالانتماء هو ما جعلنا نرحل.

أكتب هذا الآن بينما الصواريخ الإيرانية تتساقط على إسرائيل، وأنا أراقب من نيويورك. أرسل رسائل إلى عائلتي في حيفا لأتأكد من أنهم بخير. الناس هنا يسألون إن كنا "آمنين" – قلقين من مخيمات غزة في جامعة كولومبيا أو من إطلاق نار في واشنطن، وكأن الخطر دائمًا في مكان آخر، وليس في إسرائيل.

لكن اليوم، نصرٌ آخر تحوّل إلى ليلة طويلة أخرى، ليلة لا تنتهي، ليلة للمحاسبة. حتى لو "ربحت" إسرائيل هذه الجولة مع إيران، فماذا ربحنا إذا كنا ما نزال في قبضة نظام فاسد، كارثي؟

إذا كانت "اتفاقيات أبراهام"، كما يروّج لها نتنياهو، هي الحل الشامل، فلماذا نستمر في تقييد أبنائنا وتقديمهم قرابين؟ إذا صنعنا سلامًا مع كل دولة بعيدة – من السعودية إلى إندونيسيا – ولكن ليس مع جيراننا، فهل هذا سلام؟ نعرف الجواب مسبقًا: اكتشفناه في 7 أكتوبر.

لن يكون هناك نصر بلا محاسبة. الإيمان بـ"إله من السماء"، بمعجزة تسقط على طهران، بدلاً من تغيير سياسي حقيقي – من رفض الخدمة العسكرية، إلى مواجهة الفساد، إلى مواجهة الاحتلال الضخم الذي أصبح الفيل في الغرفة – كل ذلك يغذي دائرة أنانية لا نهاية لها. إسرائيل باتت أكثر عزلة في العالم.

في هذه اللحظات المليئة بالفوضى، التي تحوّلت إلى سنوات، نحتاج إلى تغيير جذري في النموذج. وإلا، كما يقول نتنياهو – أو يتمنى – سنبقى نعيش على حد السيف.

الأيام تمضي. من مظاهرة إلى أخرى، من رهينة إلى أخرى، جندي آخر يُقتل، أربعة آخرون، تبدأ وتنتهي محادثات وقف إطلاق النار، وفود تصل إلى الدوحة وتغادرها، صواريخ تُطلق من اليمن وعليه، ولا شيء يتغير.

قد يحمينا القبة الحديدية مجددًا. لكن لن ينقذنا إله من السماء. وإن كان هناك ما قد يدمرنا، فلن يكون نيزكًا مشتعلًا من فوق، بل سيكون عفنًا يتسلل من الأسفل: من الأنفاق حيث يجلس الرهائن، من جذور أشجار الزيتون المحروقة، من الصمت الذي علّمنا أنفسنا العيش فيه.

إذا كان هذا هو النصر، فلماذا يبدو كأنه انهيار؟

للاطلاع على الموضوع بالانجليزية يرجى الضغط هنا